.................................................................................................
______________________________________________________
وكذا في موارد دوران الأمر بين التعيين والتخيير. وما نحن فيه لا ينطبق على شيء منها ، لأنّ المأمور به فيه ـ أعني : وجوب الإزالة ـ شيء واحد قد حصل العلم به تفصيلا ، وإنّما وقع الشكّ في حصول الإزالة بذي الشعب الثلاث بعد العلم بحصولها بثلاثة أحجار. وبعبارة اخرى : إنّ الشكّ إنّما هو فيما يتحقّق به المأمور به ، وأنّه التمسح بثلاثة أحجار خاصّة ، أو هو مع التمسّح بذي الشعب الثلاث مخيّرا بينهما. ودوران الأمر بين التعيين والتخيير إنّما هو في مقدّمة المأمور به لا فيه نفسه. وإجراء أصالة البراءة في المقدّمة ـ بمعنى البراءة عن تعيّن التمسّح بثلاثة أحجار عليه ـ لا يقضي بحصول المأمور به بالإتيان بالمقدّمة التي يشكّ في تحقّق المأمور به بالإتيان بها ، بل اليقين باشتغال الذمّة بالمأمور به يقتضي بوجوب تحصيل اليقين بالبراءة ، وهو لا يحصل إلّا بالتمسّح بثلاثة أحجار. نعم ، لو لم تكن الإزالة مأمورا بها ، بل كان التمسّح بنفسه مأمورا به لا من باب المقدّمة ، تعيّن فيه الرجوع إلى أصالة البراءة ، لكنّه خلاف ظاهر الأدلّة كما ذكره المصنّف رحمهالله.
ومن هنا يظهر أنّه لو شكّ في شيء من أجزاء الطهارات الثلاث أو شرائطها ، كان المتعيّن فيه الرجوع إلى أصالة الاشتغال دون البراءة ، وإن قلنا بها عند الشكّ في الأجزاء والشرائط ، لأنّ أصالة البراءة عن جزئيّة المشكوك فيه أو شرطيّته لا تقضي بحصول الطهارة التي هي شرط في المشروط بها من الصلاة ونحوها ، بل أصالة عدم حصول شرط المأمور به ـ أعني : الصلاة مثلا ـ تقضي بفساده.
وممّا ذكرناه قد ظهر كون المقام من موارد أصالة الاشتغال ، سواء كان الشكّ في حصول الطهارة بالتمسّح بذي الشعب الثلاث من قبيل الشكّ في مفهوم الغاية ، كما زعمه المحقّق الخوانساري ، وزعم من جهته كونه من موارد أصالة البراءة ، أم في مصداقها. والأقرب كونه من قبيل الثاني ، لأنّ الطهارة نظافة خاصّة ملحوظة في نظر الشارع ، وقد جعل لها أسبابا خاصّة في الواقع ، والشكّ في حصول الطهارة بذي الشعب الثلاث ليس من جهة إجمال مفهوم المطهّر الشرعيّ ،