مردّدا بين الأقلّ والأكثر ، لكن هذا الترديد ليس في نفس المأمور به ، كما لا يخفى.
نعم ، لو فرض أنّه لم يثبت الأمر بنفس الإزالة ، وإنّما ثبت بالتمسّح بثلاثة أحجار أو بالأعمّ منه ومن التمسّح بذي الجهات ، أمكن بل لم يبعد إجراء أصالة البراءة عمّا عدا الأعمّ.
والحاصل : أنّه فرق بين الأمر بإزالة النجاسة من الثوب المردّدة بين غسله مرّة أو مرّتين ، وبين الأمر بنفس الغسل المردّد بين المرّة والمرّتين. والذي يعيّن كون مسألة التمسّح من قبيل الأوّل دون الثاني هو ما استفيد من أدلّة وجوب إزالة النجاسة عن الثوب والبدن للصلاة ، مثل قوله تعالى : (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) (٢٥) ، وقوله عليهالسلام في صحيحة زرارة : " لا صلاة إلّا بطهور" (٢٦) بناء على شمول الطهور ـ ولو بقرينة ذيله الدالّ على كفاية الأحجار من الاستنجاء ـ للطهارة الخبثيّة ، ومثل الإجماعات المنقولة على وجوب إزالة النجاسة عن الثوب والبدن للصلاة.
وهذا المعنى وإن لم يدلّ عليه دليل صحيح السند والدلالة على وجه يرتضيه المحقّق المذكور (*) ، بل ظاهر أكثر الأخبار الأمر بنفس الغسل ، إلّا أنّ الإنصاف وجود الدليل على وجوب نفس الإزالة ، وأنّ الأمر بالغسل في الأخبار ليس لاعتباره بنفسه في الصلاة ، وإنّما هو أمر مقدميّ لإزالة النجاسة ، مع أنّ كلام المحقّق المذكور لا يختصّ بالمثال الذي ذكره حتّى يناقش فيه.
______________________________________________________
حتّى يكون الشكّ فيه من قبيل الشكّ في مفهوم الغاية ، بل هو من قبيل الشكّ في كونه من مصاديق ما جعله الشارع مطهّرا في الواقع.
ومن هنا يظهر أنّ الاعتراض على الخوانساري من وجهين : أحدهما : دعواه كون المقام من موارد أصالة البراءة. والآخر : دعواه كون الشكّ فيه في مفهوم الغاية لا مصداقها.
__________________
(*) في بعض النسخ زيادة : بعد ردّ روايتى ابن المغيرة وابن يعقوب.