وفي جريان استصحاب الكلّي (٢٣٧٥) في كلا القسمين ؛ نظرا إلى تيقّنه سابقا وعدم العلم بارتفاعه ، وإن علم بارتفاع بعض وجوداته وشكّ في حدوث ما عداه ؛ لأنّ ذلك مانع من إجراء الاستصحاب في الأفراد دون الكلّي ، كما تقدّم نظيره في القسم الثاني ، أو عدم جريانه فيهما ؛ لأنّ بقاء الكلّي في الخارج عبارة عن استمرار وجوده الخارجيّ (*) المتيقّن سابقا ، وهو معلوم العدم ، وهذا هو الفارق بين ما نحن فيه والقسم الثاني ؛ حيث إنّ الباقي في الآن اللاحق بالاستصحاب هو عين الوجود (**)
______________________________________________________
٢٣٧٥. لا يخفى أنّ الوجه الأوّل مبنيّ على كون المستصحب هو القدر المشترك بين الأمرين ، أعني : الكلّي الموجود بوجوده النوعي في ضمن الفرد المتيقّن الارتفاع والمشكوك الحدوث ، لأن الكلّي بهذا الاعتبار لا يرتفع بسبب انعدام بعض أفراده ، لأنّ الكلّي إنّما يرتفع بانعدام بعض أفراده بلحاظ تقيّده بالوجود الشخصي الذي هو محقّق للفرديّة دون النوعي.
والثاني مبنيّ على أنّ تحقّق الكلّي واستمراره وارتفاعه إنّما هو باعتبار وجوده الشخصي دون النوعي ، لأنّه باعتبار وجوده النوعي أيضا كلّي لا وجود له إلّا باعتبار الوجود الشخصي ، والأحكام إنّما تتعلّق به بهذا الاعتبار. والمفروض أنّ الوجود الشخصي المتيقّن سابقا قد ارتفع ، وفي الزمان الثاني مشكوك الحدوث ، محكوم بالانتفاء بحكم الأصل.
والثالث مبنيّ على تسليم الوجه الثاني فيما كان الفرد الآخر مشكوك الحدوث ، وبعد ارتفاع الفرد الأوّل ، ومنعه فيما كان الفرد الآخر محتمل الوجود مع الفرد الأوّل ، بمعنى منع تأتّي وجه المنع فيه ، لأنّ الكلّي بوجوده الشخصي المحتمل في الزمان الثاني على تقدير وجوده فيه كان موجودا في الزمان الأوّل.
__________________
(*) في بعض النسخ زيادة : علي نحو.
(**) في بعض النسخ بدل : «الوجود» ، الموجود.