.................................................................................................
______________________________________________________
ومن هنا يظهر عدم بقاء الأصل الأوّلي على حالته الأصليّة ، كما يشهد به جعل الشارع للحلّ والطهارة أمارات خاصّة من اليد والسوق ونحوهما ، إذ لو بقيت أصالة الطهارة والحلّ على حالتها الأصليّة لم تترتّب على جعل تلك الأمارات ثمرة. ولا ينافي ما ذكرناه من الحكم بالحرمة والنجاسة بمجرّد الشكّ في تحقّق سبب الحلّ والطهارة ، ترتّب الحرمة والنجاسة على عنوان الميتة في الأدلّة ، مثل قوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ ...) ، حتّى يقال : إنّ الميتة أمر وجودي لا يثبت بأصالة عدم ضدّه أعني : التذكية ، لأنّ الميتة عبارة عمّا لم يذكّ لا خصوص ما مات بحتف الأنف ، لأنّ التذكية أمر شرعيّ توقيفي فما عداه ميتة. وستعرف زيادة توضيح لذلك.
وأمّا الثاني فإنّ الاصول الجارية في المقام هي أصالة عدم التذكية ، وأصالة بقاء الطهارة الثابتة حال الحياة ، وأصالة بقاء الحرمة للأجزاء المبانة حال الحياة. والاولى موضوعيّة. والأخيرتان حكميّتان.
ثمّ إنّ الطهارة والحلّية إن كانتا مترتّبتين شرعا على عنوان التذكية والحرمة ، والنجاسة على عدمها ، فلا إشكال في كون أصالة عدم التذكية مثبتة للأخيرتين. وإن كانت الأوليان مترتّبتين على عنوان التذكية ، والأخيرتان على عنوان الميتة ، أعني : الموت بحتف الأنف ، فأصالة عدم التذكية غير ناهضة لإثبات الحرمة والنجاسة ، بل لا بدّ حينئذ من الحكم بالطهارة والحلّية لقاعدتهما كما ستعرفه.
ولكنّك قد عرفت أنّ التحقيق هو الأوّل ، بل بعد ما عرفت من ترتّبهما على عنوان التذكية لا يعقل كون الحرمة والنجاسة مترتّبتين على عنوان الميتة ، بمعنى الموت بحتف الأنف ، إذ مقتضى جعل التذكية سببا للأوليين هو انتفائهما وثبوت ضدّهما بمجرّد انتفاء التذكية. ولو كان ضدّهما مع ذلك مرتّبا على عنوان الميتة بالمعنى المذكور ، لم يكن انتفاء السبب مقتضيا لثبوت ضدّ مسبّبه بنفسه ، بل كان