.................................................................................................
______________________________________________________
وإن شئت تحقيق المقام وتوضيح المرام ، فهو يتوقّف أوّلا على بيان حكم المسألة الفقهيّة. وثانيا على بيان الاصول الجارية في المقام.
أمّا الأوّل ، فاعلم أنّ المشهور نجاسة الجلد واللحم المطروحين وحرمة الثاني ، لأصالة عدم التذكية. وخالف فيه جماعة فحكموا بالطهارة والحلّية ، ولكنّهم اختلفوا في طريق الحكم على وجوه :
أحدها : ما يظهر من صاحب المدارك من عدم اعتداده بالاستصحاب من رأس ، فلا يثبت بأصالة عدم التذكية حكم شرعيّ ، فلا بدّ من الرجوع إلى أصالة الحلّ والطهارة.
وثانيها : ما يظهر من الفاضل التوني من عدم بقاء موضوع الاستصحاب ، كما نقله المصنّف رحمهالله من عبارته ، فيرجع إلى ما ذكر.
وثالثها : ما نقله المصنّف رحمهالله عن السيّد الصدر من تعارض أصالة عدم التذكية مع أصالة عدم الموت بحتف الأنف ، فيرجع إلى ما ذكر.
ورابعها : ما يقال من أنّ أصالة عدم التذكية معارضة مع أصالة بقاء الطهارة الثابتة في حال الحياة التي مقتضاها الحليّة أيضا ، فيرجع إلى ما ذكر.
وخامسها : ما يقال أيضا من أنّ أصالة عدم التذكية لا تثبت الموت بحتف الأنف إلّا على القول بالاصول المثبتة.
والحقّ ما ذهب إليه المشهور ، لأنّ الحلّية والطهارة وضدّهما مترتّبة في الأدلّة على عنوان التذكية وعدمها ، كما يظهر ممّا ذكره المصنّف رحمهالله من الآيتين والأخبار ، فلا بدّ في الحكم بالطهارة والحلّية من إحراز سببهما الشرعيّ ، كما هو مقتضى جعل السببيّة ، بخلاف الحرمة والنجاسة ، إذ يكفي في ثبوتهما الشكّ في تحقّق موضوع الحلّية والطهارة ، فإذا لم تثبت التذكية شرعا حكم بأصالة عدمها ، ولا تعارضها أصالة الحلّ والطهارة ، لحكومتها عليهما.