إنّما رتّبت في الشرع على مجرّد عدم التذكية ، كما يرشد إليه قوله تعالى : (إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) (٣) الظاهر في أنّ المحرّم إنّما هو لحم الحيوان الذي لم يقع عليه التذكية واقعا أو بطريق شرعيّ ولو كان أصلا ، وقوله تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) (٤) ، وقوله تعالى : (فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) (٥) ، وقوله عليهالسلام في ذيل موثّقة ابن بكير : " إذا كان ذكيّا ذكّاه الذابح" (٦) ، وبعض الأخبار المعلّلة لحرمة الصيد الذي ارسل إليه كلاب ولم يعلم أنّه مات بأخذ المعلّم (*) بالشكّ في استناد موته إلى المعلّم ، إلى غير ذلك ممّا اشترط فيه العلم باستناد القتل إلى الرمي ، والنهي عن الأكل مع الشكّ.
ولا ينافي ذلك ما دلّ على كون حكم النجاسة مرتّبا على موضوع" الميتة" بمقتضى أدلّة نجاسة الميتة ؛ لأنّ" الميتة" (**) عبارة عن كلّ ما لم يذكّ ؛ لأنّ التذكية أمر شرعيّ توقيفيّ ، فما عدا المذكّى ميتة. والحاصل : أنّ التذكية سبب للحلّ والطهارة ، فكلّما شكّ فيه أو في مدخليّة شيء فيه ، فأصالة عدم تحقّق السبب الشرعيّ حاكمة على أصالة الحلّ والطهارة.
ثمّ إنّ الموضوع للحلّ (٢٣٧٩) والطهارة ومقابليهما هو اللحم أو المأكول ، فمجرّد تحقّق عدم التذكية في اللحم يكفي في الحرمة والنجاسة. لكنّ الإنصاف : أنّه
______________________________________________________
المقام ، نظير استصحاب الضاحك المتحقّق في ضمن زيد لإثبات وجود عمرو ، فالظاهر اشتباه الأمر عليه من وجوه سيأتي إليها الإشارة.
٢٣٧٩. دفع لما يمكن أن يتوهّم من أنّ استصحاب عدم التذكية لا يثبت كون هذا اللحم غير مذكّى إلّا على القول بالاصول المثبتة. وحاصل الدفع : أنّ المستصحب هو عدم كون هذا اللحم مذكّى لا مطلق عدم التذكية.
__________________
(*) في بعض النسخ زيادة : معلّلا.
(**) في بعض النسخ زيادة : ولذا حكم بنجاستها.