لو علّق حكم النجاسة على ما مات حتف الأنف ؛ لكون الميتة عبارة عن هذا المعنى ، ـ كما يراه بعض ـ أشكل إثبات الموضوع بمجرّد أصالة عدم التذكية الثابتة حال الحياة ؛ لأنّ عدم التذكية السابق حال الحياة المستصحب إلى زمان خروج الروح لا يثبت كون الخروج حتف الأنف ، فيبقى أصالة عدم حدوث سبب نجاسة اللحم ـ وهو الموت حتف الأنف ـ سليمة عن المعارض وإن لم يثبت به التذكية ، كما زعمه السيّد الشارح للوافية ، فذكر أنّ أصالة عدم التذكية تثبت الموت حتف الأنف ، وأصالة عدم الموت حتف الأنف تثبت التذكية. فيكون وجه الحاجة إلى إحراز التذكية (٢٣٨٠) ـ مع أنّ الإباحة والطهارة لا تتوقّفان عليه ، بل يكفي استصحابهما ـ أنّ استصحاب عدم التذكية حاكم على استصحابهما ، فلولا ثبوت التذكية بأصالة عدم الموت حتف الأنف لم يكن مستند للإباحة والطهارة. وكأنّ السيّد قدسسره ذكر هذا ؛ لزعمه أنّ مبنى تمسّك المشهور على إثبات الموت حتف الأنف بأصالة عدم التذكية ، فيستقيم حينئذ معارضتهم بما ذكره السيّد قدسسره ، فيرجع بعد التعارض إلى قاعدتي" الحلّ" و" الطهارة" واستصحابهما.
لكن هذا كلّه مبنيّ على ما فرضناه من تعلّق الحكم على الميتة ، والقول بأنّها ما زهق روحه بحتف الأنف. أمّا إذا قلنا بتعلّق الحكم على لحم لم يذكّ حيوانه أو لم يذكر اسم الله عليه ، أو تعلّق الحلّ على ذبيحة المسلم وما ذكر اسم الله عليه
______________________________________________________
٢٣٨٠. بأصالة عدم الموت بحتف الأنف في الحكم بالطهارة والحلّية. وحاصل ما ذكره : أنّ إجراء أصالة عدم الموت بحتف الأنف لإثبات التذكية ، وفرض التعارض بينها وبين أصالة عدم التذكية ، إنّما هو ليسلم استصحاب الطهارة والحلّية من المعارض ، وإلّا فمع عدم إجراء أصالة عدم الموت بحتف الأنف لم يكن مستند للطهارة والحلّية ، لكون أصالة عدم التذكية حاكمة على استصحابهما.
ثمّ إنّ الطهارة يمكن استنادها إلى القاعدة والاستصحاب ، وأمّا الحلّية فهي مستندة إلى القاعدة خاصّة ، فإطلاق الاستصحاب عليهما من باب التغليب.