جريان الاستصحاب في نفس الزمان ، ولا في الزمانيّ الذي لا استقرار لوجوده بل يتجدّد شيئا فشيئا على التدريج ، وكذا في المستقرّ الذي يؤخذ قيدا له ، إلّا أنّه يظهر من كلمات جماعة جريان الاستصحاب في الزمان ، فيجري في القسمين الأخيرين بطريق اولى ، بل تقدّم من بعض الأخباريين : أنّ استصحاب الليل والنهار من الضروريّات.
والتحقيق أنّ هنا أقساما ثلاثة : أمّا نفس الزمان ، فلا إشكال في عدم جريان الاستصحاب فيه لتشخيص كون الجزء المشكوك فيه من أجزاء الليل أو النهار ؛ لأنّ نفس الجزء لم يتحقّق في السابق (٢٣٨٦) فضلا عن وصف كونه نهارا أو ليلا.
______________________________________________________
في المقام إنّما هو الزمان والزماني والأمر المستقرّ الذي أخذ الزمان فيه.
وبقي هنا أمران : أحدهما : الأوصاف العارضة للامور التدريجيّة ، كالجهر والإخفات العارضين للقراءة. وثانيهما : الامور المتولّدة من التدريجيّات ، مثل الكرّية الحاصلة من اجتماع الماء تدريجا. وهذان الأمران مشتركان مع الامور المذكورة في جهة الإشكال من حيث جريان الاستصحاب فيهما وعدمه ، ولعلّه لذا لم يتعرّض لهما المصنّف رحمهالله. ونشير إلى شطر من الكلام فيهما في بعض الحواشي الآتية.
٢٣٨٦. حاصله : أنّ المعتبر في الاستصحاب هو كون القضيّة المشكوكة عين المتيقّنة حتّى يصدق في مورده البقاء والارتفاع ، والأمر في الأزمان ليس كذلك ، لأنّه إذا شكّ في بقاء زمان ـ كالليل والنهار ـ فالموضوع في القضيّة المتيقّنة مقطوع الارتفاع ، وفي القضيّة المشكوكة قد حصل القطع بعدم وجوده في زمان اليقين ، فلا يصدق معه البقاء ، وهو واضح.
وربّما يستدلّ عليه أيضا بأنّ الاستصحاب يفتقر إلى زمان يقين وزمان شكّ متأخّر عنه ، بمعنى كونهما ظرفين للمستصحب لا قيدا له ، فلو جعل نفس الزمان مستصحبا لاحتاج إلى زمان آخر متيقّن الوجود فيه وزمان آخر أيضا مشكوك البقاء فيه ، واللازم واضح الفساد ، فكذا المقدّم.