مثال الأوّل : ما إذا قطع بالبراءة عن وجوب غسل الجمعة والدعاء عند رؤية الهلال قبل الشرع أو العثور عليه ، فإنّ مجرّد الشكّ في حصول (٢٤٢٠) الاشتغال كاف في حكم العقل بالبراءة ، ولا حاجة إلى إبقاء البراءة السابقة والحكم بعدم ارتفاعها ظاهرا ،
______________________________________________________
وفيه نظر ، لأنّ القضاء تكليف جديد وإن قلنا بكونه تابعا للأداء وثبوته بالأمر الأوّل ، ولذا يلتزم بعقاب آخر على مخالفته. والأصل عدم هذا التكليف ، بمعنى استصحاب البراءة السابقة. واستصحاب الأمر الأوّل وإن تمسّك به شريف العلماء تبعا للمحقّق القميّ رحمهالله ، إلّا أنّه ضعيف ، لانقضاء الأمر الأوّل بخروج وقته ، ولا أقلّ من احتمال تقيّده بالوقت الأوّل ، فلا يصدق معه البقاء حتّى يصحّ استصحابه. فالأولى التمثيل للمقام بما تقدّم من المثال ، لعدم سلامة الأوّل والثالث من إشكال كما عرفت.
وأمّا مادّة الافتراق من جانب استصحاب البراءة ، فمثل ما لو دار الأمر في شيء بين كونه أحد فردي الواجب المخيّر وبين كونه مباحا مسقطا عنه ، كما إذا ثبت الأمر بالعتق وتردّد الأمر بين كون المكلّف مخيّرا بين المؤمنة والكافرة وبين كون عتق الكافرة مباحا مسقطا عنه ، وحينئذ لا يمكن نفي وجوبه بقاعدة البراءة ، لأنّ مقتضاها ـ كما نبّهنا عليه في مسألة البراءة ـ هو نفي احتمال العقاب لا نفي الوجوب أو الحرمة. والفرض في المقام عدم ترتّب عقاب على ترك عتق خصوص الكافرة. أمّا على تقدير كونه مباحا مسقطا عن الواجب ـ كالسفر المسقط عن وجوب الصوم ـ فواضح. وأمّا على تقدير كونه أحد فردي الواجب المخيّر ، فلعدم ترتّب العقاب على ترك خصوص أحد فرديه ، بل العقاب على ترك الجميع ، كما هو واضح. وحينئذ يتعيّن الرجوع إلى استصحاب البراءة السابقة عن وجوب عتق خصوص الكافرة. والله العالم بحقائق أحكامه.
٢٤٢٠. حاصله : حكومة قاعدة البراءة على استصحابها ، لأنّه إذا فرض كون مجرّد الشكّ في التكليف علّة تامّة لحكم العقل بالبراءة لا يبقى في الزمان الثاني في