نعم ، ذكر شيخنا البهائي قدسسره (٢٠٤٠) في الحبل المتين ـ في باب الشكّ في الحدث بعد الطهارة ـ ما يظهر منه اعتبار الظنّ الشخصيّ ، حيث قال : لا يخفى أنّ الظنّ الحاصل بالاستصحاب فيمن تيقّن الطهارة وشكّ في الحدث ، لا يبقى على نهج واحد ، بل يضعف بطول المدّة شيئا فشيئا ، بل قد يزول الرجحان ويتساوى الطرفان ، بل ربّما يصير الراجح مرجوحا ، كما إذا توضّأ عند الصبح وذهل عن التحفّظ ، ثمّ شكّ عند المغرب في صدور الحدث منه ، ولم يكن من عادته البقاء على الطهارة إلى ذلك الوقت. والحاصل : أنّ المدار على الظنّ ، فما دام باقيا فالعمل عليه وإن ضعف (٩). انتهى كلامه ، رفع في الخلد مقامه.
ويظهر من شارح الدروس ارتضاؤه ؛ حيث قال بعد حكاية هذا الكلام : ولا يخفى أنّ هذا إنّما يصحّ لو بنى المسألة على أنّ ما تيقّن بحصوله في وقت ولم يعلم أو يظنّ طروّ ما يزيله ، يحصل الظنّ ببقائه ، والشكّ في نقيضه (٢٠٤١) لا يعارضه ؛ إذ
______________________________________________________
أدنى الأدلّة والأمارات الظنّية ، فهو لا يقاوم شيئا من الأدلّة الظنيّة ، لأنّ اعتباره من باب الظنّ ، وهو إنّما يفيده مع عدم وجود دليل ظنّي على خلافه ، وهو كذلك ، لأنّ منشأ إفادته للظنّ غلبة البقاء في موارده ، والغلبة إنّما تفيد الظنّ مع عدم قيام أمارة ظنّية على خلافها.
٢٠٤٠. يظهر منه كون اعتبار الاستصحاب من باب الظنّ الحاصل في مورده من الغلبة والعادة ونحوهما. وربّما يتوهّم أنّ هذا ليس قولا باعتبار الاستصحاب ، لأنّ الحجّة حينئذ في الحقيقة هو الظنّ الحاصل ممّا ذكرناه. وفيه : أنّ شيخنا البهائي رحمهالله لعلّه يدّعي بناء العقلاء على اعتبار خصوص الظنّ الحاصل في مورده لا مطلقا ، وهذا القدر كاف في نسبة الحجّية إلى الاستصحاب ، كيف لا وإفادته للظنّ عند كلّ من قال باعتباره من باب الظنّ إنّما هو من جهة غلبة البقاء في مورده ، فالمفيد للظنّ هذه الغلبة لا مجرّد اليقين بالوجود السابق والشكّ في بقائه.
٢٠٤١. مراده بالشكّ هو الوهم المقابل للظنّ.