وقد يلاحظ تأخّر الحادث بالقياس إلى حادث آخر ، كما إذا علم بحدوث حادثين وشكّ في تقدّم أحدهما على الآخر ، فإمّا أن يجهل تأريخهما أو يعلم تأريخ أحدهما : فإن جهل تأريخهما (٢٤٧٩) فلا يحكم بتأخّر أحدهما المعيّن عن الآخر ؛ لأنّ التأخّر في نفسه ليس مجرى الاستصحاب ؛ لعدم مسبوقيّته باليقين. وأمّا أصالة عدم أحدهما في زمان حدوث الآخر فهي معارضة بالمثل وحكمه التساقط مع ترتّب الأثر على كلّ واحد من الأصلين ، وسيجيء تحقيقه إن شاء الله تعالى.
وهل يحكم بتقارنهما في مقام يتصوّر التقارن ؛ لأصالة عدم كلّ منهما قبل
______________________________________________________
وعلى الثاني ، إمّا يراد ترتيب آثار الحدوث المطلق المساوق للوجود المطلق في محلّ الفرض ، وإمّا آثار عدم حدوثه إلى الزمان الثاني ، وإمّا آثار الوجود الخاصّ المساوق للحدوث الخاصّ ، أعني : الوجود في خصوص الزمان الثاني.
والأوّل لا مسرح للأصل فيه ، للقطع به بالفرض. وكذا الثالث ، لفرض تساوق الوجود الخاصّ للحدوث الخاصّ الذي لا مسرح للأصل في إثباته ، لتوقّفه على إثبات صفة التأخّر التي لا يثبتها الأصل إلّا على القول بالاصول المثبتة. وأمّا الثاني فلا إشكال في ثبوته بالأصل ، وهو واضح.
٢٤٧٩. لا يخفى أنّه مع الجهل بالتاريخ : إمّا أن يراد استصحاب عدم كلّ منهما إلى زمان العلم بوجوده ، وإمّا استصحاب عدم كلّ منهما في زمان حدوث الآخر. وعلى الأوّل : إمّا أن يراد إثبات مجرّد عدم كل منهما إلى زمان العلم بوجوده ، أو إثبات تقارن وجودهما. وعلى الثاني أيضا : إمّا أن يراد مجرّد إثبات عدم كلّ منهما في زمان حدوث الآخر ، أو إثبات تأخره عنه.
أمّا الأوّل ، فلا إشكال في جريان أصالة عدم كلّ منهما إلى زمان العلم بوجوده ، وترتيب آثار العدم عليه ، إلّا أن يكون أثرهما متضادّين أو متناقضين ، فيحكم بالتساقط حينئذ ، كما إذا علم بحصول الطهارة والحدث وشكّ في المتقدّم منهما ، فلا يمكن ترتيب أثر عدم كلّ منهما في زمان الشكّ.