عن استصحابه. فإن أراد الكتابيّ دينا غير هذه الجملة المغيّاة إجمالا بالبشارة المذكورة ، فنحن منكرون له ، وإن أراد هذه الجملة ، فهو عين مذهب المسلمين ، وفي الحقيقة بعد كون أحكامهم مغيّاة لا رفع حقيقة ، ومعنى النسخ انتهاء مدّة الحكم المعلومة إجمالا.
فإن قلت : لعلّ مناظرة الكتابيّ ، في تحقّق الغاية المعلومة وأنّ الشخص الجائي هو المبشّر به أم لا ، فيصحّ تمسكه بالاستصحاب. قلت : المسلّم هو الدين المغيّا بمجيء هذا الشخص الخاصّ ، لا بمجيء موصوف كلّي حتّى يتكلّم في انطباقه على هذا الشخص ويتمسّك بالاستصحاب.
الخامس : أن يقال : إنّا معاشر المسلمين لمّا علمنا أنّ النبيّ السالف أخبر بمجيء
______________________________________________________
أحدهما : أنّ صفة النبوّة قائمة بشخص النبيّ ، فعدم النبوّة بعد موت النبيّ إنّما هو لعدم تحقّق موضوعها ، لا لارتفاعها حتّى تكون قابلة للشكّ في الارتفاع والبقاء بعد الموت ، كي تكون موردا للاستصحاب.
والآخر أنّ صفة النبوّة قائمة بالنفس الناطقة التي لا زوال لها ، فتكون صفتها أيضا دائميّة ، فلا تكون موردا للاستصحاب.
ولكن يرد على هذا المعنى أنّ قيام الصفة بالموصوف لا يقتضي كون الموصوف علّة تامّة لثبوتها ، إذ يحتمل أن يكون قيامها به مشروطا بشرط مفقود عند ظهور نبيّ آخر ، إذ الحكم والمصالح كثيرة لا يحيط بها إلّا الله تعالى. مع أنّ ما ذكر إنّما يتمّ إن كانت النبوّة صفة واقعيّة ، لا أمرا منتزعا من وجوب إطاعته فيما جاء به ، إذ الخلاف في قيام النبوّة بالنفس أو بها مع مدخليّة الهيكل الجسماني إنّما يتمّ على الأوّل. اللهمّ إلّا أن ينازع على الثاني أيضا في مدخليّة أحد الأمرين بالخصوص في وجوب الإطاعة. وهو فاسد ، إذ مورد الاستصحاب حينئذ يكون هو وجوب التديّن بما جاء به لا الصفة المنتزعة ، لعدم قابليّتها للاستصحاب. مع أنّه على تقدير احتمال مدخليّة الهيكل الجسماني لا يمكن استصحاب الصفة ، لعدم العلم ببقاء الموضوع.