نبيّنا صلىاللهعليهوآله ، وأنّ ذلك كان واجبا عليه ، ووجوب الإقرار به والإيمان به متوقّف على تبليغ ذلك إلى رعيّته ، صحّ لنا أن نقول : إنّ المسلّم نبوّة النبيّ السالف على تقدير تبليغ نبوّة نبيّنا صلىاللهعليهوآله ، والنبوّة التقديريّة لا يضرّنا ولا ينفعهم في بقاء شريعتهم.
ولعلّ هذا الجواب يرجع إلى ما ذكره الإمام أبو الحسن الرضا صلوات الله عليه في جواب الجاثليق (٢٥٢٧) ، حيث قال له عليهالسلام : ما تقول في نبوّة عيسى وكتابه ، هل تنكر منهما شيئا؟ قال عليهالسلام : أنا مقرّ بنبوّة عيسى وكتابه وما بشّر به امّته وأقرّت به الحواريّون ، وكافر بنبوّة كلّ عيسى لم يقرّ بنبوّة محمد صلىاللهعليهوآله وكتابه ولم يبشّر به امّته. ثمّ قال الجاثليق : أليس تقطع الأحكام بشاهدي عدل؟ قال عليهالسلام : بلى. قال الجاثليق : فأقم شاهدين عدلين من غير أهل ملّتك على نبوّة محمد صلىاللهعليهوآله ممّن لا تنكره النصرانيّة ، وسلنا مثل ذلك من غير أهل ملّتنا. قال عليهالسلام : الآن جئت بالنّصفة يا نصرانيّ. ثمّ ذكر عليهالسلام إخبار خواصّ عيسى عليهالسلام بنبوّة محمّد صلىاللهعليهوآله.
ولا يخفى : أنّ الإقرار بنبوّة (٢٥٢٨) عيسى عليهالسلام وكتابه وما بشّر به امّته لا يكون
______________________________________________________
٢٥٢٧. الرواية طويلة نقلها الطبرسيّ في الاحتجاج. وهي تحتمل وجهين آخرين :
أحدهما : أن لا يكون الإمام عليهالسلام في مقام ردّ الاستصحاب ، بل في مقام دفع كلام جاثليق ، حيث سأله بقوله : «ما تقول في نبوّة عيسى وكتابه؟ وهل تنكر منهما شيئا؟». وسكت في جواب الإمام عليهالسلام بقوله : «أنا مقرّ بنبوّة عيسى ...».
ولم يلتفت إلى التمسّك بالاستصحاب بالتقريب الذي تمسّك به اليهودي في مناظرة السيّد ، ولو تمسّك به لعلّ الإمام عليهالسلام أجابه بجواب أوفى وأتمّ.
وثانيهما : مع تسليم كون الإمام عليهالسلام في مقام ردّ الاستصحاب ، أنّه عليهالسلام لمّا كان مدّعيا لنبوّة نبيّنا صلىاللهعليهوآله والجاثليق منكرا لها ، فأبرز الإمام عليهالسلام دعواه في زيّ الإنكار حتّى لا يطالبه بدليل على دعواه ، والجاثليق لمّا لم يلتفت إلى عدم كون مقالته عليهالسلام دافعة للاستصحاب سكت بذلك ، وهو من طرق المناظرة بل أحسنها.
٢٥٢٨. حاصله : أنّ ما أقرّ به الإمام عليهالسلام من نبوّة عيسى وكتابه والبشارة ،