.................................................................................................
______________________________________________________
وذلك لأنّ الأوّل مبنيّ على صحّة استصحاب القدر المشترك ، ودعوى اتّحاده مع الفرد الذي اريد إثباته بالمسامحة العرفيّة ، ليخرج الأصل بذلك من كونه مثبتا ، لأنّ المقصود من استصحاب مطلق المطلوبيّة إثبات الوجوب العيني للأجزاء الباقية ، لعدم ترتّب الآثار ـ من الثواب والعقاب وبراءة الذمّة ونحوها ـ على مطلقها ، فالمستصحب هو مطلق المطلوبيّة المتّحدة مع المطلوبيّة النفسيّة بالمسامحة العرفيّة.
والثاني مبنيّ على المسامحة في موضوع المستصحب ، بأن كان المستصحب هو الوجوب النفسي ، بدعوى كون الأجزاء الباقية هو عين الأجزاء المتيسّرة سابقا ، لأنّ الوجوب النفسي في السابق وإن كان قائما بتمام المركّب ، إلّا أنّ فقد بعض أجزائه لا يوجب تغيّرا فيه ، بل هو من قبيل تبدّل حالات الموضوع في نظر العرف ، فيقال : إنّ هذه الأجزاء الباقية كانت واجبة في السابق بالوجوب النفسي ، والأصل بقاء وجوبها ، نظير ما يقال في الكرّ بعد أخذ مقدار منه يشكّ معه في بقائه على الكرّية : إنّ هذا الموجود كان كرّا ، والأصل بقائه على صفة الكرّية ، وإن لم تعلم كرّية هذا الموجود في السابق بالمداقّة العقليّة. وكذا في القليل إذا زيد عليه مقدار يشكّ معه في بلوغه إلى حدّ الكرّ ، فيقال : هذا كان قليلا ، فالأصل بقائه على صفة القلّة. وكذلك في الماء المتغيّر الذي زال تغيّره من قبل نفسه ، فيقال : إنّ هذا كان متنجّسا ، والأصل بقائه على النجاسة ، وهكذا. فالمستصحب فيما نحن فيه على هذا الوجه هو الوجوب النفسي الذي ارتكب التسامح في موضوعه.
والثالث مبنيّ على أنّ المستصحب هو الوجوب النفسي المتعلّق بالموضوع المجمل ، لأنّ الوجوب النفسي في السابق كان قائما بتمام المركّب ، إلّا أنّ الشكّ في أنّ تعلّقه بالمركّب كان على وجه كان الجزء المفقود جزءا له مطلقا حتّى يسقط الوجوب في حال فقده ، أو كان المفقود جزءا له في حال التمكّن منه حتّى يبقى التكليف بعد تعذّره ، ويكون المفقود جزءا اختياريّا له لا واقعيّا ، فيقال حينئذ : إنّ الوجوب النفسي في السابق كان قائما بهذا الموضوع المردّد وشكّ في ارتفاعه ، و