.................................................................................................
______________________________________________________
التعبّد والظنّ النوعي ، إذ ثمرتهما قد تختفي على بعض الأنظار القاصرة ، وهي من وجوه :
أحدها : اعتبار المرجّحات عند التعارض على القول باعتباره من باب الظنّ النوعي ، بخلافه على القول بالسببيّة ، لأنّ مقتضاه الحكم بالتساقط ، لأنّ الترجيح إنّما هو لإفادة المرجّح لأقربيّة الراجح إلى الواقع بالنسبة إلى صاحبه ، ومع اعتبار الاستصحاب من باب السببيّة ورفع اليد عن الواقع ، وجعل مدار العمل على مقتضاه من حيث هو ، لا يبقى محلّ للترجيح ، بل حكم المتعارضين حينئذ هو التساقط والرجوع إلى أصل آخر ، كما سيجيء في محلّه.
ثمّ إنّا إذا قلنا باعتبار الترجيح في متعارضات الاصول أو الأخبار أو غيرها ممّا هو معتبر من باب الظنّ النوعي ، فإنّما هو بالمرجّحات الداخلة ، كتعدّد الراوي وأعدليّته وأوثقيّته وأصدقيّته ، ونحوها من مرجّحات الأخبار. والموجود من هذه المرجّحات في تعارض الاصول هو التعدّد خاصّة ، لعدم وجود غيره فيها ، فينحصر الترجيح فيها في القلّة والكثرة.
والسرّ فيما ذكرناه أنّ الشارع إذا اعتبر أمارة في مقابل غيرها ، كاليد والسوق والبيّنة في الشبهات الموضوعيّة ، والأخبار في الشبهات الحكميّة ، والاستصحاب مطلقا في مقابل الشهرة ، وعدم الخلاف والاستقراء والغلبة والقياس ونحوها ، فهو يكشف عن وجود مصلحة فيها دون غيرها ، ككونها غالبة الإيصال إلى الواقع بالنسبة إلى غيرها ، فيحصل لها من هذه الجهة نوع تعبديّة ، فلا يلاحظ في جنبها الظنون الخارجة الحاصلة على طبقها أو خلافها ، سواء كانت في مقام التعارض أم غيره.
نعم ، اعتبارها من باب الكشف والظنون النوعيّة يوجب جواز الترجيح بما يظنّ معه أنّ ما يوافقه أقرب إلى الواقع. ولكن هذا إنّما هو فيما استند الظنّ إلى ما يرجع إلى نفس المعارض الراجح ، وهو المرجّح الداخلي ، إذ يمكن أن يستدلّ على