أقول : ما استظهره قدسسره لا يخلو عن تأمّل : أمّا دعوى الإجماع ، فلا مسرح لها في المقام (٢٠٤٩) مع ما سيمرّ بك من تصريحات كثير بخلافها ، وإن كان يشهد لها ظاهر التفتازاني (٢٠٥٠) في شرح الشرح ؛ حيث قال : " إنّ خلاف الحنفيّة
______________________________________________________
ويمكن الاستشهاد لخروج الاستصحابات العدميّة من محلّ النزاع بوجهين آخرين أيضا ، أحدهما : عنوان المسألة في كلمات القدماء باستصحاب الحال ، سيّما مع صراحة كلام الفاضل الجواد في مقابلته باستصحاب النفي ، ولا سيّما مع تصريحه بعدم الخلاف في الثاني ، قال : «ولا كلام في حجّية استصحاب النفي» إلى أن قال : «وإنّما الكلام في استصحاب الحال ، ومحلّه أن يثبت حكم في وقت ...». والآخر : دعوى الاتّفاق من جماعة على اعتبار استصحاب النفي. ولكنّ المصنّف رحمهالله قد أشار في طيّ كلامه إلى ضعف كلا الوجهين ، إلّا أنّ ما ذكره في وجه الضعف لا يتأتّى في كلام الفاضل المذكور.
٢٠٤٩. حاصله : منع اعتبار الإجماع في المقام أوّلا ، ومنع تحقّقه ثانيا. ولعلّ الوجه في الأوّل كون النزاع في المقام صغرويّا ، من حيث إفادة الاستصحاب للظنّ وعدمه ، كما يشير إليه قول المثبت بأنّ ما ثبت دام ، وقول المجيب بأنّ ما ثبت جاز أن يدوم وجاز أن لا يدوم. وقال شارح المختصر : اختلف في صحّة الاستدلال به لإفادته الظنّ بالبقاء ، وعدمها لعدم إفادته إيّاه ، لعدم كشف الاتّفاق حينئذ عن رضا المعصوم.
نعم ، لو كان النزاع فيه بحسب الكبرى لم يكن وجه لمنع اعتبار الإجماع فيه ، إلّا أن يقال : إنّ المعروف بين العامّة والخاصّة في محلّ البحث هو اعتبار الاستصحاب من باب العقل دون الشرع ، ومرجع النزاع فيه على تقدير كونه كبرويّا إلى النزاع في اعتبار مطلق الظنّ ، ولا مسرح للإجماع في المسائل العقليّة ، كما نبّه عليه المصنّف رحمهالله في صدر الكتاب ، اللهمّ إلّا أن يريد به بناء العقلاء ، فتدبّر.
٢٠٥٠. أظهر منه ما تقدّم من كلام الفاضل الجواد رحمهالله.