.................................................................................................
______________________________________________________
الثالث : أنّه مقتضى أدلّة الاستصحاب ، لأنّ الأدلّة الدالّة على اعتبار الكتاب والسنّة قد أثبتت وجوب الرجوع إليهما ، والفحص عن مقتضاهما في كلّ واقعة يبتلي بها المكلّف ، والخروج من عهدة هذا التكليف لا يحصل إلّا بعد الفحص عن الكتاب والسنّة وغيرهما من الأدلّة في موارد العمل بالاصول ، لأصالة بقاء التكليف قبل الفحص عنها. ومرجع هذا الدليل إلى أنّ التكليف إنّما هو بالعمل بمقتضى ما يستفاد من مجموع الأدلّة من الاصول اللفظيّة والعمليّة وغيرها ، فالعمل بالاصول من دون فحص عن سائر الأدلّة ترجيح بلا مرجّح ، وعمل بما لا يعلم معه الخروج من العهدة.
ثمّ إنّ ما يتفرّع على المقام على تقدير العجز عن الفحص ، من وجوب التقليد أو الاحتياط أو نحو ذلك ، يستفاد ممّا قرّرناه في أواخر مسألة البراءة ، فراجع. وما كان من قبيل الموضوعات على قسميها فظاهر الأصحاب بل المدّعى عليه الإجماع هو عدم وجوب الفحص فيه ، فيبقى إطلاق أدلّة الاستصحاب شاهدا له ، لعدم جريان الأدلّة المتقدّمة على وجوب الفحص هنا. أمّا الإجماع فلعدم ثبوته هنا كما ستعرفه ، كيف لا وقد عرفت دعوى بعضهم الإجماع على خلافه. وأمّا العلم الإجمالي فهو غير معتبر فيما كانت أطراف الشبهة فيه غير محصورة كما في المقام.
نعم ، لو كانت محصورة وجب فيه الاحتياط ولذا قلنا به في الشبهة المحصورة.
فإن قلت : إنّ أطراف الشبهة في الأحكام أيضا غير محصورة.
قلت أوّلا : إنّ الإجماع هو الفارق. ولو لم يكن هناك إجماع على الفحص قلنا بعدم الوجوب ثمّة أيضا.
وثانيا : إنّ العلم الإجمالي إنّما يوجب الاحتياط مع كون أطراف الشبهة جميعا محلّ ابتلاء للمكلّف ، وهو كذلك في الشبهات الحكميّة ، لابتلاء الفقيه بها ولو لأجل الإفتاء للمقلّدين ، بخلاف الشبهات الموضوعيّة ، ولذا لا يجب الاحتياط في الشبهة غير المحصورة.