.................................................................................................
______________________________________________________
وكيف كان ، فقد ظهر ممّا ذكرناه سلامة إطلاقات أدلّة الاستصحاب في نفي وجوب الفحص في العمل به في الموضوعات من معارضة الوجوه المتقدّمة لوجوب الفحص في الأحكام ، فيبقى الإجماع المدّعى عليه شاهدا له.
لكنّ الإنصاف أنّ التأمّل الصادق في كلماتهم فروعا واصولا يقضي بعدم تحقّق هذا الإجماع ، لإيجابهم الفحص في بعض الموارد ، كما في صورة الشكّ في بلوغ المال حدّ النصاب في الزكاة والخمس وحدّ الاستطاعة في الحجّ ، وفيما شكّت المرأة في كون دم الاستحاضة قليلا أو كثيرا أو متوسّطا ، فيوجبون الاعتبار بوضع القطنة ، وفي استبراء المرأة عند الشكّ في انقطاع دم الحيض ، حيث لم يحكموا باستصحاب العدم في أمثال هذه الموارد. وادّعى بعضهم في اصوله ـ وببالي أنّه صاحب المعالم ـ أنّه إذا قال المولى لعبده : أكرم علماء البلد ، يجب عليه الفحص عن العلماء الموجودين في البلد ، ويذمّه العقلاء لو اكتفي بإكرام من علم بوجوده من العلماء في البلد من دون فحص ، إذا كان في البلد عالم سوى من أكرمه ويمكن الوصول إليه بالفحص. وهذا متّجه في الجملة.
والميزان في ذلك بحيث يكون ضابطا في الخروج من الأصل الذي قدّمناه. وهو عدم وجوب الفحص في الشبهات الموضوعيّة ـ لا يخلو من أحد وجوه :
أحدها : أن يكون العمل بالأصل مستلزما للمخالفة الكثيرة ، فيجب الفحص في مثله ، لمنافاتها لغرض الشارع من جعل الأحكام ، ولعلّ إيجابهم للفحص في الموارد المذكورة من جهة ذلك ولا ينتقض ذلك بباب الطهارة والنجاسة ، حيث اكتفى الشارع في الحكم بالطهارة بمجرّد احتمالها مطلقا (*) ، وإن استلزم محظور المخالفة الكثيرة ، وذلك لأنّ الشارع قد وسّع على الأمّة في باب الطهارة لمصلحة اقتضته.
__________________
(*) في هامش الطبعة الحجريّة : سواء كان مسبوق الطهارة أم لا. منه.