.................................................................................................
______________________________________________________
ثمّ إنّ معرفة ما ذكرناه في كثير من الموارد ممكنة. والمعيار الكلّي أن يعرض المورد الذي يراد إجراء الأصل فيه على العرف ، فيتبع حكمهم بوجوب الفحص وعدمه فيه ، لأنّ مرجع الفحص إلى طريق إطاعة أحكام الشارع ، والعرف هو المتّبع في كيفيّة امتثال أحكامه.
وثانيها : أن يكون الموضوع الذي يراد استصحابه من الامور الخفيّة التي لا طريق واضحة إلى معرفتها غالبا ، فيجب في مثله الفحص. ولعلّه من هذا القبيل إيجابهم الفحص عن الاستحاضة المتردّدة بين القليلة والكثيرة والمتوسّطة. والوجه فيه إمّا حكم العرف الذي هو المتّبع في باب الإطاعة على ما عرفت ، أو رجوع هذا المعيار إلى الأوّل ، أعني : لزوم المخالفة الكثيرة في العمل بالأصل من دون فحص.
وثالثها : أن يكون من الامور التي لا طريق إلى معرفته من دون فحص ، كمعرفته سبحانه والتصديق بنبيّه المرسل من قبله ، إذ لا طريق إلى معرفة معبود بالحقّ وإلى تصديق من يدّعي كونه مرسلا من قبله إلّا النظر في آثار قدرته تعالى وفي معجزة مدّعي النبوّة ، فلا يجوز نفي وجوب المعرفة والتصديق بأصالة عدم وجوب النظر ، أو أصالة عدم وجود معبود بالحقّ أو نبيّ مرسل من قبله ، حتّى تجب المعرفة والتصديق. والدليل على ما ذكرناه هو العقل.
ثمّ إنّ جميع الموارد التي يجب فيها الفحص من الشبهات الموضوعيّة لا يخلو من أحد الوجوه المذكورة. وعليك بالتأمّل والإذعان بما تجده حقيقا بالقبول ، والله المعوّل والمسئول.
ثمّ إنّ الكلام في عدم وجوب الفحص للمقلّد في الشبهات الموضوعيّة ، والإشكال فيه من جهة عدم تمكّنه من تمييز موارد الاصول الحاكمة والمعارضة ، على النحو الذي قرّره المصنّف رحمهالله في آخر كلامه ، فلاحظ ولا تغفل ، والله أعلم.