وأمّا استدلالهم على إثبات الاستصحاب باستغناء الباقي عن المؤثّر الظاهر الاختصاص بالوجوديّ (٢٠٥٣) ـ فمع أنّه معارض باختصاص بعض أدلّتهم الآتي
______________________________________________________
٢٠٥٣. إمّا لأجل عدم حاجة العدم في البقاء إلى المؤثّر ، ولذا اشتهر أنّ العدم لا يعلّل ، وإمّا لظهور لفظ الباقي فيه. ويمكن منع الظهور على الوجهين.
أمّا الأوّل فلمنع عدم حاجة العدم في البقاء إلى المؤثّر ، لأنّ الممكن ما تساوى طرفاه ، ولو لم يحتج طرف العدم إلى المؤثّر خرج عن كونه ممكنا ، ولا ريب أنّ طرفي الممكن كما يحتاج كلّ منهما في الابتداء إلى المؤثّر ، كذلك في البقاء بناء على عدم استغناء الباقي عن المؤثّر ، غاية الأمر أنّه يكفي في علّة العدم عدم علّة الوجود. ولذا قال المحقّق الطوسي قدسسره : وعدم الممكن مستند إلى عدم علّة. نعم ، ما لا يحتاج إلى العلّة هو العدم المحض الذي يعبّر عنه بالنفي المحض والعدم المطلق ، لا العدم المضاف كما عرفت ، وهو محلّ الكلام في المقام.
وإلى ما ذكرناه أشار الفاضل اللاهيجي في الجواب عمّا قيل : إنّ الممكن لو احتاج في وجوده إلى المؤثّر لاحتاج عدمه أيضا ، لاستواء النسبة إليهما ، لكنّ العدم لكونه نفيا محضا لا يصلح لأن يكون أثر الشيء ، قال : «إنّا لا نسلّم أنّ عدم الممكن نفي محض ، إن اريد بالنفي المحض أن لا يكون له وجود أصلا لا ذهنا ولا خارجا. وإن اريد أن لا يكون له وجود في الخارج فقط ، فلا نسلّم أنّ العدم لا يصلح أن يكون أثر الشيء. ألا ترى أنّ عدم المعلول مستند إلى عدم علّته ، فإنّ معنى العلّية والتأثير ليس إلّا الترتّب العقلي ، وصحّة تخلّل الفاء. ولا شبهة في صحّة ذلك بين العدمين ، فإنّ العقل يحكم بأنّ العلّة ارتفعت فارتفع المعلول ، ولا يحكم بأنّ المعلول ارتفع فارتفعت العلّة وإن كانا متلازمين» انتهى.
ولا يخفى أنّ العدم إذا صلح لأن يكون أثرا لمثله ثبت أيضا كون العدم مؤثّرا في مثله ، فلا يرد حينئذ أنّ العدم لعدميّته لا يصلح للتأثير.
وأمّا الثاني ، فإنّ التعبير بالباقي لعلّه لأجل عدم لفظ جامع بين الوجود والعدم.