ومن الثاني : إجراء حكم بول غير المأكول إذا صار بولا لمأكول وبالعكس ، وكذا صيرورة الخمر خلّا وصيرورة الكلب أو الإنسان جمادا بالموت ، إلّا أنّ الشارع حكم في بعض هذه الموارد بارتفاع الحكم السابق ، إمّا للنصّ كما في الخمر المستحيل خلّا ، وإمّا لعموم ما دلّ على حكم المنتقل إليه ، فإنّ الظاهر أنّ استفادة طهارة المستحال إليه إذا كان بولا لمأكول (*) ليس من أصالة الطهارة بعد عدم جريان الاستصحاب ، بل هو من الدليل ، نظير استفادة نجاسة بول المأكول إذا صار بولا لغير مأكول. ومن الثالث : استحالة العذرة (**) أو الدّهن المتنجّس دخانا والمنيّ حيوانا. ولو نوقش في بعض الأمثلة المذكورة ، فالمثال غير عزيز على المتتبّع المتأمّل.
وممّا ذكرنا يظهر (٢٥٩١)
______________________________________________________
٢٥٩١. توضيحه : أنّك حيث قد عرفت أنّ موضوع الحكم مع تقيّده في ظاهر الأدلّة بوصف عنواني ، قد يفهم منه العرف كون الموضوع هو الجامع المشترك بين الواجد للوصف والفاقد له ، بحيث لا يحتاج في إسراء الحكم إلى الفاقد إلى الاستصحاب ، وقد يحتاج فيه إليه ، وقد يفهم كون الموضوع هو المقيّد بالخصوص ، بحيث لا يمكن إسراء الحكم إلى الفاقد ولو بالاستصحاب ، ظهر لك أنّ قولهم : إنّ الأحكام تدور مدار الأسماء ، لا بدّ أن يراد به أسماء موضوعاتها التي هي مناط تعلّق الأحكام بها ، لا الأسماء التي وردت في ظاهر الأدلّة لما عرفت من عدم دورانها مدارها مطلقا.
وتحقيقه : أنّ الحكم قد يتعلّق باسم ولكن لا يكون الموضوع الواقعي له مسمّى هذا الاسم بالخصوص ، بل أعمّ منه ومن الفاقد لوصفه العنواني ، على حسب ما دلّت عليه القرينة أو فهم عرفا ، فيكون المذكور فردا من الموضوع
__________________
(*) في بعض النسخ : بدل «العذرة» ، بول المأكول.
(**) في بعض النسخ زيادة : دودا.