أنّ معنى قولهم" الأحكام تدور مدار الأسماء" ، أنّها تدور مدار أسماء موضوعاتها التي هي المعيار في وجودها وعدمها ، فإذا قال الشارع : العنب حلال ، فإن ثبت كون الموضوع هو مسمّى هذا الاسم ، دار الحكم مداره ، فينتفي عند صيرورته زبيبا ، أمّا إذا علم من العرف أو غيره أنّ الموضوع هو الكلّي الموجود في العنب المشترك بينه وبين الزبيب أو بينهما وبين العصير ، دار الحكم مداره أيضا.
______________________________________________________
الواقعي ، ويكون تخصيصه بالذكر إمّا لعلم السائل بحكم غيره ، أو لعدم ابتلائه به ، أو لكونه أشيع الأفراد وأغلبها ، أو نحو ذلك. نظير ما ورد في الأخبار من أحكام المتنجّسات ، لورودها في موارد خاصّة ، كما أشار إليه المصنّف رحمهالله آنفا. وكذا لو قال الشارع : اليهود نجس ، لا يتأمّل في بقاء النجاسة لو دخل يهوديّ في دين النصارى أو في دين آخر من أديان الكفّار ، وإن لم يكن له اسم في الكتاب والسنّة. وكذلك ما أشار إليه المصنّف رحمهالله في مثال الرطب والعنب. وعلى هذا فلا يكون للوصف مدخل في ثبوت الحكم حدوثا وبقاء.
وقد يفهم كون الموضوع أعمّ من الواجد والفاقد ، ويفهم أيضا مدخليّة الوصف في حدوث الحكم ، ويشكّ في مدخليّته في بقائه ، كما لو علمنا بنجاسة الماء المتغيّر ، وعلمنا أيضا بكون السبب في حدوثها هو التغيّر ، وشككنا في مدخليّته في بقائها. وكذا ما ذكر المصنّف رحمهالله من مثال بول غير المأكول.
وقد يعلم كون الموضوع هو مسمّى الاسم مع وصفه العنواني ، مثل قوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ). وما ذكره من مثال العذرة والدّهن المتنجّس.
وإذا عرفت هذا ظهر لك أنّ الحكم بزوال الاسم في القسمين الأوّلين لا بدّ أن يكون بزوال الاسم الجامع للواجد والفاقد ، لعدم العلم بزواله بدونه بالفرض ، وفي الأخير بزوال الاسم المأخوذ في ظاهر الأدلّة. والكلمة الجامعة بين هذه الأقسام ما أشار إليه المصنّف رحمهالله بقوله : «أسماء موضوعاتها التي هي المعيار في وجودها وعدمها».