القاعدة ثبت بقاؤها ؛ للعلم ببقائها على تقدير الحدوث. لكنّه لا يتمّ إلّا على الأصل المثبت ، فهو تقدير على تقدير.
وربّما يتوهّم الاستدلال لإثبات هذا المطلب بما دلّ على عدم الاعتناء بالشكّ في الشيء بعد تجاوز محلّه. لكنّه فاسد ؛ لأنّه على تقدير الدلالة (٢٥٩٦) لا يدلّ على استمرار المشكوك ؛ لأنّ الشكّ في الاستمرار ليس شكّا بعد تجاوز المحلّ. وأضعف منه الاستدلال (٢٥٩٧) له بما سيجيء من دعوى أصالة الصحّة في اعتقاد المسلم ، مع أنّه كالأوّل في عدم إثباته الاستمرار. وكيف كان ، فلا مدرك لهذه القاعدة بهذا المعنى.
______________________________________________________
٢٥٩٦. فيه إشارة إلى منع الدلالة على الصحّة أوّلا ، ومنع الدلالة على الاستمرار ثانيا. والوجه في الأوّل ما سيشير إليه في الموضع السابع من المواضع التي تكلّم فيها على قاعدة الفراغ ، فانتظره.
٢٥٩٧. وجه الأضعفيّة : أنّ الحمل على الصحّة فرع قابليّة المحمول للصحّة والفساد ، وصفة الاعتقاد ليست كذلك ، لأنّ المدار في جواز العمل به وعدمه على حصول نفس الصفة وعدمه ، وليس له قسم صحيح يجوز العمل به وقسم فاسد لا يجوز العمل به كالظنّ الخبري والقياسي ، حتّى يجب الحمل على الصحيح عند دوران الأمر بين الصحيح والفاسد منه. ومثله الكلام في الظنّ على القول بالظنون المطلقة. ومن هنا قد خصّصنا النزاع في مسألة الصحيح والأعمّ بما كان قابلا للوصفين ، احترازا عمّا لا يقبل إلّا أحدهما كالزنا وشرب الخمر ، إذ لا صحيح لهما.
فإن قلت : إذا حصل اليقين من الأمارات الشرعيّة التعبّدية مثل البيّنة والسوق ، فنفس صفة اليقين وإن لم تكن قابلة للصحّة والفساد ، إلّا أنّ مدركها قابل لذلك ، فيجوز حمله على الصحيح بعد زوال الاعتقاد.
قلت : إنّ المدار حينئذ على صفة اليقين ، وخصوصيّة المدرك غير ملحوظة ، لأنّ العمل بالبيّنة حينئذ من حيث كونها أحد أسباب اليقين لا من حيث خصوصيّتها ، حتّى