وكيف كان ، فجعل بعضهم عدم الدليل الاجتهادي على خلاف الحالة السابقة من شرائط العمل بالاستصحاب لا يخلو عن مسامحة (٢٦٠١) ؛ لأنّ مرجع ذلك بظاهره إلى عدم المعارض لعموم" لا تنقض" ، كما في مسألة البناء على الأكثر ، لكنّه ليس مراد هذا المشترط قطعا ، بل مراده عدم الدليل على ارتفاع الحالة السابقة.
ولعلّ ما أورده عليه المحقّق القمي قدسسره ـ من أنّ الاستصحاب أيضا أحد الأدلّة ، فقد يرجّح عليه الدليل وقد يرجّح على الدليل ، وقد لا يرجّح أحدهما على الآخر ، قال قدسسره : ولذا ذكر بعضهم في مال المفقود أنّه في حكم ماله حتّى يحصل العلم العادي بموته استصحابا لحياته ، مع وجود الروايات المعتبرة المعمول بها عند بعضهم بل عند جمع من المحقّقين ، الدالّة على وجوب الفحص أربع سنين ـ مبنيّ على ظاهر كلامه من إرادة العمل بعموم" لا تنقض".
______________________________________________________
٢٦٠١. توضيحه : أنّ الدّليل على خلاف الحالة السابقة على وجهين :
أحدهما : أن يكون مقتضى الدّليل وجوب البناء على خلاف الحالة السابقة في مورد الشكّ ، بمعنى وجوب البناء على خلافها مع كون القضيّة مشكوكة ، مثل ما دلّ على وجوب البناء على الأكثر عند الشكّ في ركعات الصلاة ، والأخبار الواردة في الفحص عن المفقود أربع سنين.
وثانيهما : أن يكون مقتضاه ارتفاع الحالة السابقة تنزيلا لمؤدّاه منزلة الواقع بحكم الشارع ، كمؤديات الأدلّة الاجتهاديّة المعتبرة شرعا القائمة على خلاف الحالة السابقة.
ثمّ إنّ شروط الاستصحاب على قسمين : قسم شرط لصحّة العمل به بعد فرض تحقّق موضوعه ، كاشتراط عدم معارضته بمثله. وقسم شرط لتحقّق موضوعه ، كاشتراط بقاء الموضوع. والوجه الأوّل من قبيل الأوّل والثاني من قبيل الثاني. ومن هنا يظهر أنّ جعل عدم الدليل على خلاف الحالة السابقة من شرائط العمل بالاستصحاب ، لا يتمّ إلّا أن يتسامح في التعبير عن شرط الجريان والتحقّق بشرط العمل.