.................................................................................................
______________________________________________________
فإذا فقد قطعنا على ثبوته ، فإنّ الفرق بين الأمرين بيّن بمسائل كثيرة» انتهى موضع الحاجة.
وهو صريح في صحّة البناء على العدم عند عدم الدليل على الوجود ، لأجل كون عدم الدليل دليل العدم ، لا لأجل الاستصحاب. بل هو يشهد بعدم كون استصحاب العدم وفاقيّا ، كيف ومناط اعتباره إمّا مجرّد اليقين بالوجود السابق والشكّ في بقائه ، أو حصول الظنّ شخصا أو نوعا بالبقاء في هذا المورد ، وعلى كلّ تقدير فهو موجود في الاستصحاب الوجوديّ أيضا ، فكيف يكون أحدهما وفاقيّا والآخر خلافيّا. ومجرّد موافقة الأوّل لبعض الأمارات في مورده لا يوجب القول باعتباره ، لاختلاف اللحاظ في إعمال الأدلّة مع اتّحاد موردها ومؤدّاها ، لأنّ المناط في إعمال الاستصحاب مثلا ملاحظة الحالة السابقة ، بخلاف غيره.
وبالجملة ، إنّه لا إشكال في وجود الخلاف في الاستصحاب العدمي ، بل صرّح المصنّف رحمهالله بعدم وجدان قائل بالفرق بينه بين الوجودي ، سوى ما حكاه شارح الشرح عن الحنفيّة من التفصيل بينهما ، مستظهرا له من كلام شارح المختصر ، وإن كان ذلك لا يخلو من خفاء ، وذلك لأنّ شارح المختصر بعد تعريف الاستصحاب قال : «وقد اختلف في صحّة الاستدلال به لإفادته الظنّ بالبقاء ، وعدمها لعدم إفادته إيّاه ، فأكثر المحقّقين ـ كالمزني والصيرفي والغزالي ـ على صحّته ، وأكثر الحنفيّة على بطلانه ، فلا يثبت به حكم شرعي. ولا فرق عند من يرى صحّته بين أن يكون الثابت به نفيا أصليّا ، كما يقال فيما اختلف في كونه نصابا : لم تكن الزكاة واجبة عليه ، والأصل بقائه ، أو حكما شرعيّا مثل قول الشافعيّة في الخارج من غير السبيلين : إنّه كان قبل خروج الخارج متطهّرا ، والأصل البقاء حتّى يثبت معارض ، والأصل عدمه» انتهى.
وقال التفتازاني : قوله «فلا يثبت به حكم شرعيّ» كأنّه يشير إلى أنّ خلاف الحنفيّة في إثبات الحكم الشرعيّ دون النفي الأصلي ، وهذا ما يقولون إنّه حجّة في