في استصحاب حال الإجماع ، وسيأتي تفصيل ذلك عند نقل أدلّة الأقوال إن شاء الله.
الثاني : من حيث إنّه قد يثبت بالدليل الشرعيّ ، وقد يثبت بالدليل العقلي. ولم أجد من فصّل بينهما ، إلّا أنّ في تحقّق الاستصحاب مع ثبوت الحكم بالدليل العقلي ـ وهو الحكم العقلي المتوصّل به إلى حكم شرعيّ ـ تأمّلا ، نظرا إلى أنّ الأحكام العقلية (٢٠٧٠) كلّها مبيّنة مفصّلة من حيث مناط الحكم ، والشكّ في بقاء المستصحب
______________________________________________________
الجماعة بحال الإجماع ما كان دليل الحكم الثابت في الحالة الاولى غير شامل للحالة الثانية ، سواء كان هو الإجماع أم غيره ، في مقابل استصحاب حكم العامّ ، كما استظهره المصنّف رحمهالله من كلام الغزالي عند التعرّض لقوله. وهو الظاهر أيضا من كلام المقدّس الكاظمي وغيره ممّن تقدّم ، كما يظهر بالتأمّل في كلماتهم.
٢٠٧٠. توضيحه : أنّ الشكّ في القضايا العقليّة لا يخلو : إمّا أن يكون من جهة الشكّ في الموضوع ولو في بعض القيود المأخوذة فيه ، وإمّا من جهة الشكّ في المحمول ، بمعنى الشكّ في حكمه على الموضوع المبيّن القيود تفصيلا بشيء.
والثاني غير معقول ، إذ بعد تبيّن الموضوع بجميع قيوده الذي هو مناط حكم العقل والعلّة التامّة فيه ، لا وجه لإجمال حكم العقل ، إذ لا ريب في بقاء حكمه حينئذ واستقلاله به. ومن هنا يظهر أنّ الشكّ في حكم العقل لا يعقل إلّا من جهة الشكّ في موضوعه ، ولو باعتبار بعض القيود المأخوذة فيه. مع أنّه أيضا غير معقول ، لأنّ العقل لا يحكم بشيء إلّا بعد إحراز جميع قيود موضوعه ، فمع الشكّ في تحقّق بعض هذه القيود لا يحكم عليه بما كان حاكما عليه على تقدير العلم بوجوده. فإذا حكم العقل بحسن الكذب النافع وقبح الصدق الضارّ ، فمع الشكّ في تحقّق النفع في الأوّل والضرر في الثاني لا يحكم بالحسن في الأوّل والقبح في الثاني ، لا أن يتردّد في حكمه لأجل الشكّ في تحقّق موضوعه ، بل يكون حينئذ ساكتا عن الحكم بشيء منهما وخلافهما.