.................................................................................................
______________________________________________________
الوصف وحصل التمييز لا يمنع العقل تكليفه. وأمّا الشرع فلم يظهر كون الموضوع فيه أيضا هو ذلك ، بل كما يحتمل ذلك كذا يحتمل أن يكون شيئا آخر أعمّ من ذلك ، بحيث يبقى مع حصول التمييز أيضا كعدم البلوغ ، بل هو كذلك في الصبيّ غير المميّز ، ولذا لا تتوجّه إليه التكاليف قبل البلوغ وإن حصل له التمييز. ومع عدم ثبوت ذلك لا ريب أنّه محتمل ، وإذا احتمل ذلك فعدم صحّة استصحاب عدم التكليف المستند إلى العقل إلى ما بعد البلوغ لا يستلزم عدم صحّة استصحاب عدمه المستند إلى الشرع ، لأنّ الموضوع في حكم العقل هو عدم التمييز ، وقد زال بالفرض حين البلوغ بل قبله ، والموضوع الواقعي في حكم الشرع غير معلوم ، والثابت في الأدلّة هو رفع القلم عن الصبيّ ، فإذا فرض كون تبدّل حالة الصبا إلى خلافها في نظر أهل العرف من قبيل تبدّل حالات الموضوع لا نفسه ، ارتفع المانع من استصحاب حكم الشرع.
وأمّا عدم جريانه في القسم الأوّل والثالث بل الخامس أيضا يظهر ممّا قدّمناه في الحاشية السابقة وغيرها.
ثمّ إنّ الفرق بين القسم الأوّل والخامس أنّ العقل في أمثلة القسم الأوّل حاكم بالوجوب أو الجواز وإن كان من باب الإرشاد كما هو واضح ، بخلاف الثاني ، لعدم دلالة العقل في ناسي السورة في الصلاة على وجوب باقي الأجزاء ولا على وجوب الجميع من المنسيّ وغيره. أمّا الأوّل فلفرض كون الناسي آتيا بما أتى به بعنوان كونه تمام المأمور به. وأمّا الثاني فلغفلته عن الجزء المنسيّ كما تقدّم في مسألة البراءة. نعم ، غاية ما يدلّ عليه العقل حينئذ كونه معذورا في ترك الجزء المنسيّ لأجل نسيانه.
ومن هنا يظهر أنّ القول بالإجزاء في أمثال المقام من الأعذار العقليّة ـ كما نقله المصنّف رحمهالله عن بعضهم كالمحقّق القمّي ـ من فضائح الأقوال وشنايع الآراء ، لفرض عدم الأمر هنا من قبل العقل أو الشرع حتّى يقتضي الإجزاء. وأشنع منه الاستناد فيه إلى استصحاب عدم وجوب الصلاة ، لأنّ موضوع حكم العقل فيه هو النسيان ، وقد فرض ارتفاعه قطعا بالالتفات.