أنّ الاستصحاب لا يجري في الأحكام العقلية ، ولا في الأحكام الشرعية المستندة إليها ، سواء كانت وجوديّة أم عدميّة ، إذا كان العدم (٢٠٧٤) مستندا إلى القضيّة العقليّة كعدم وجوب الصلاة مع السورة على ناسيها ، فإنّه لا يجوز استصحابه بعد الالتفات ، كما صدر من بعض من مال إلى الحكم بالإجزاء في هذه الصورة وأمثالها من موارد الأعذار العقليّة الرافعة للتكليف مع قيام مقتضيه. وأمّا إذا لم يكن العدم مستندا إلى القضيّة العقليّة ، بل كان لعدم المقتضي وإن كان القضيّة العقليّة موجودة أيضا ، فلا بأس باستصحاب العدم المطلق بعد ارتفاع القضيّة العقلية.
ومن هذا الباب استصحاب حال العقل ، المراد به في اصطلاحهم استصحاب البراءة والنفي ، فالمراد استصحاب الحال التي يحكم العقل على طبقها وهو عدم التكليف ، لا الحال المستندة إلى العقل ، حتّى يقال إنّ مقتضى ما تقدّم هو عدم جواز استصحاب عدم التكليف عند ارتفاع القضيّة العقلية ، وهي قبح تكليف غير المميّز أو المعدوم.
وممّا ذكرنا ظهر أنّه لا وجه للاعتراض (٢٠٧٥)
______________________________________________________
ومن هنا يظهر أنّا إن قلنا بصحّة الاستصحاب في الأحكام العقليّة مع الشكّ في الموضوع ، كما إذا حكم العقل بقبح الصدق الضارّ وشكّ في إضرار الصدق في مورد ، لا يصحّ القول به هنا ، للقطع بارتفاع الموضوع هنا كما عرفت.
٢٠٧٥. هذا قيد للعدميّة ، وإنّما أتى به مع الاستغناء عنه بقوله «المستندة إليها» إشارة إلى كون حكم الشرع في جميع موارد الأحكام العقليّة الوجوديّة مستندا إلى حكم العقل ، بخلاف العدميّة منها ، إذ قد يكون حكم الشرع فيها مستندا إليه وقد لا يستند ، كما سنشير إلى توضيحه.
٢٠٧٥. ظاهر دفع الاعتراض عن القوم ـ بل صريحه ـ هو عدم وجود مورد من الاستصحابات الوجوديّة ـ ممّا كانت الحالة السابقة فيه ثابتة بالعقل ـ تكون القضيّة الشرعيّة فيه غير مستندة إلى القضيّة العقليّة ، نظير ما ذكره في استصحاب النفي. ولعلّ وجه الفرق كما قيل أنّ عدم توجّه التكليف إلى شخص