الرجل مالك أرض ، وكونه زوج امرأة ، وكونه عبد رجل ، وكونه على وضوء ، وكون الثوب طاهرا أو نجسا ، وكون الليل أو النهار باقيا ، وكون ذمّة الإنسان مشغولة بصلاة أو طواف ـ إلى أن يقطع بوجود شىء جعله الشارع سببا لنقض تلك الامور. ثمّ ذلك الشيء قد يكون شهادة العدلين ، وقد يكون قول الحجّام المسلم أو من في حكمه ، وقد يكون قول القصّار ومن في حكمه ، وقد يكون بيع ما يحتاج إلى الذبح والغسل في سوق المسلمين ، وأشباه ذلك من الامور الحسيّة (١٦) ، انتهى. ولو لا تمثيله باستصحاب الليل والنهار لاحتمل أن يكون معقد إجماعه الشكّ من حيث (٢٠٨٢) المانع وجودا أو منعا ، إلّا أنّ الجامع بين جميع أمثلة الصورة الثانية ليس إلّا الشبهة الموضوعيّة ، فكأنّه استثنى من محل الخلاف صورة واحدة من الشبهة الحكمية ـ أعني الشكّ في النسخ ـ وجميع صور الشبهة الموضوعية.
وأصرح من العبارة المذكورة في اختصاص محلّ الخلاف بالشبهة الحكميّة ما حكي عنه في الفوائد أنّه قال ـ في جملة كلام له ـ : إنّ صور الاستصحاب المختلف فيه راجعة إلى أنّه إذا ثبت حكم بخطاب شرعيّ (٢٠٨٣) في موضوع في حال من حالاته نجريه في ذلك الموضوع عند زوال الحالة القديمة وحدوث نقيضها فيه. ومن المعلوم أنّه إذا تبدّل قيد موضوع المسألة بنقيض ذلك القيد اختلف موضوع المسألتين ، فالذي سمّوه استصحابا راجع في الحقيقة إلى إسراء حكم لموضوع إلى موضوع آخر متّحد معه بالذات مختلف بالقيد والصفات ، انتهى.
الثاني : من حيث إنّ الشكّ بالمعنى الأعم الذي هو المأخوذ في تعريف الاستصحاب : قد يكون مع تساوي الطرفين وقد يكون مع رجحان البقاء أو الارتفاع ، لا إشكال في دخول الأوّلين في محلّ النزاع ، وأمّا الثالث فقد يتراءى من بعض كلماتهم عدم وقوع الخلاف فيه.
______________________________________________________
٢٠٨٢. مع كون منشأ الشبهة اشتباه الامور الخارجة.
٢٠٨٣. كالنجاسة في الماء في حال تغيّره ، فتستصحب إلى حال زواله. وكلامه هذا صريح في اختصاص النزاع بالشبهات الحكميّة.