قال شارح المختصر : معنى استصحاب الحال أنّ الحكم الفلاني قد كان ولم يظنّ عدمه ، وكلّ ما كان كذلك فهو مظنون البقاء ، وقد اختلف في صحّة حجّية الاستدلال به لإفادته الظنّ ، وعدمها لعدم إفادته (١٧) ، انتهى.
والتحقيق : أنّ محلّ الخلاف إن كان في اعتبار الاستصحاب من باب التعبّد والطريق الظاهري ، عمّ صورة الظنّ الغير المعتبر بالخلاف. وإن كان من باب إفادة الظن ـ كما صرّح به شارح المختصر ـ فإن كان من باب الظنّ الشخصي كما يظهر من كلمات بعضهم ـ كشيخنا البهائي في الحبل المتين وبعض من تأخّر عنه ـ كان محلّ الخلاف في غير صورة الظنّ بالخلاف (٢٠٨٤) ؛ إذ مع وجوده لا يعقل ظنّ البقاء ، وإن كان من باب إفادة نوعه الظنّ لو خلّي وطبعه ـ وإن عرض لبعض أفراده ما يسقطه عن إفادة الظنّ ـ عمّ الخلاف صورة الظنّ بالخلاف أيضا. ويمكن أن يحمل كلام العضدي على إرادة أنّ الاستصحاب من شأنه بالنوع أن يفيد الظنّ عند فرض عدم الظنّ بالخلاف ، وسيجىء زيادة توضيح لذلك إن شاء الله.
الثالث : من حيث إنّ الشكّ (٢٠٨٥) في بقاء المستصحب قد يكون من جهة المقتضي ، والمراد به الشكّ من حيث استعداده وقابليّته في ذاته للبقاء ، كالشكّ في
______________________________________________________
٢٠٨٤. أمّا صورة الشكّ ـ بمعنى تساوي الطرفين ـ فلأنّ الشكّ في البقاء مع قطع النظر عن الحالة السابقة المتيقّنة لا ينافي حصول الظنّ به مع ملاحظتها ، بخلاف الظنّ بالخلاف ، كما يشهد بكلا الأمرين قول شارح المختصر : «إنّ الحكم الفلاني قد كان ولم يظنّ عدمه ، وكلّ ما كان كذلك فهو مظنون البقاء» لأنّ قوله «ولم يظنّ عدمه» يعمّ تساوي الطرفين والظنّ بالبقاء ، دون الظنّ بالخلاف.
٢٠٨٥. لا يخفى أنّ الشكّ في الغاية على أقسامه ـ على هذا الوجه الثالث ـ خارج من محلّ النزاع ، بناء على خروج الشكّ في المقتضي منه ، بمعنى عدم خلافهم في عدم حجّية الاستصحاب فيه ، لكونه من قبيله. وكذا على الوجه الثالث من وجوه التقسيم الثاني خارج من محلّ النزاع ، لكنّه مبنيّ على عدم خلافهم في حجيّة الاستصحاب عند الشكّ في الغاية ، وكذا الرافع على ما تقدّم هناك ، لأنّ مبنى التقسيم