ثمّ قال : والذي نختاره : أن ننظر في دليل ذلك الحكم ، فإن كان يقتضيه مطلقا وجب الحكم باستمرار الحكم ، ك : " عقد النكاح" ، فإنّه يوجب حلّ الوطء مطلقا ، فإذا وقع الخلاف في الألفاظ التي يقع بها الطلاق ، فالمستدلّ على أنّ الطلاق لا يقع بها لو قال : " حلّ الوطء ثابت قبل النطق بهذه الألفاظ ، فكذا بعده" كان صحيحا ؛ لأنّ المقتضي للتحليل وهو العقد اقتضاه مطلقا ، ولا يعلم أنّ الألفاظ المذكورة رافعة لذلك الاقتضاء ، فيثبت الحكم عملا بالمقتضي. لا يقال : إنّ المقتضي هو العقد ، ولم يثبت أنّه باق. لأنّا نقول : وقوع العقد اقتضى حلّ الوطء لا مقيّدا بوقت ، فيلزم دوام الحلّ نظرا إلى وقوع المقتضي ، لا إلى دوامه (٢١٠٤) ، فيجب أن يثبت الحلّ حتّى يثبت الرافع. ثمّ قال : فإن كان الخصم يعني بالاستصحاب ما أشرنا إليه فليس هذا عملا بغير دليل ، وإن كان يعني أمرا آخر وراء هذا فنحن مضربون عنه (١٨) ، انتهى.
ويظهر من صاحب المعالم اختياره ؛ حيث جعل هذا القول من المحقّق نفيا لحجّية الاستصحاب ، فيظهر أنّ الاستصحاب المختلف فيه غيره.
لنا على ذلك وجوه : الأوّل : ظهور كلمات جماعة (٢١٠٥) في الاتّفاق عليه.
______________________________________________________
إلّا لا يستقيم المعنى.
٢١٠٤. حتّى يقال : إنّ الدوام غير ثابت ، لفرض حصول الشكّ فيه.
٢١٠٥. لا يخفى أنّ التمسّك بالإجماعات المنقولة في المسائل الاصوليّة ، سيّما مع تشتّت الأقوال في محلّ النزاع ، ولا سيّما مع وهن الصريح منها في دعوى الإجماع أو الاتّفاق بوجود المخالف ، والظاهر منها بابتنائه على الاجتهاد في كلام مدّعيه ، كما ترى في غاية من الضعف. أمّا الأوّلان فواضحان. وأمّا الثالث فلاعتراف المصنّف رحمهالله به ، كما تقدّم عند بيان الأقوال.
وأمّا الرابع فإنّ تصريح صاحب المعالم والفاضل الجواد بخروج ما ذكره المحقّق من محلّ النزاع ، لعلّه مبنيّ على فهمهما من كلام المحقّق اعتبار الاستصحاب فيما كان دليل المستصحب عامّا للحالة الثانية ، كما يرشد إليه قوله : «أن ننظر في دليل ذلك الحكم ...» ، لا اعتباره فيما كان الشكّ في الرافع دون المقتضي ، كما هو