فنزلت : (فَامْتَحِنُوهُنَ) وفيما كان يمتحنهن به ثلاثة أقوال :
الأول : الإقرار بالإسلام.
والثاني : الاستحلاف لهن : ما خرجت من بغض زوج ولا رغبة [عن أرض ولا التماس] دنيا وما خرجن إلا حبا لله ولرسوله.
والثالث : الشروط المذكورة في قوله : (إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ) [الممتحنة : ١٢] فإذا أقررن بذلك لم يردهن إليهم.
واختلف العلماء ، هل دخل رد النساء إليهم في عقد الهدنة لفظا أو عموما؟
فقالت طائفة : قد كان شرط ردهن في عقد الهدنة بلفظ صريح فنسخ الله تعالى ردهن من العقد وأبقاه في الرجال.
وقالت طائفة : لم يشرطه صريحا بل كان ظاهر العموم اشتمال العقد عليهن مع الرجال ، فبين الله عزوجل خروجهن عن عمومه ، وفرق بينهن وبين الرجال ، لأمرين :
الأول : أنهن ذوات فروج تحرمن عليهم.
والثاني : أنهن أرق قلوبا وأسرع تقلبا.
فأما المقيمة على شركها فمردودة عليهم ، وقال القاضي أبو يعلى : إنما لم يرد النساء عليهم لأن النسخ جائز بعد التمكن من الفعل ، وإن لم يقع الفعل فأما قوله : وآتوهم ، يعني أزواجهن الكفار ، ما أنفقوا ، يعني : المهر ، وهذا إذا تزوجها مسلم ، فإن لم يتزوجها أحد ، فليس لزوجها الكافر شيء ، والأجور : المهور (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا ذلِكُمْ حُكْمُ اللهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [الممتحنة : ١٠].
وقد زعم بعضهم : أنه منسوخ بقوله : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) [المائدة : ٥] وليس هذا بشيء ، لأن المراد بالكوافر الوثنيات ثم لو قلنا إنها عامة كانت إباحة الكتابيات تخصيصا لها لا نسخا كما بينا في قوله : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ) [البقرة : ٢٢١] وقوله : (وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ) [الممتحنة : ١٠] أي : إن لحقت امرأة منكم بأهل العهد من الكفار مرتدة فاسألوهم ما أنفقتم من المهر إذا لم يدفعوها إليكم (وَلْيَسْئَلُوا) [الممتحنة : ١٠] يعني المشركين الذين لحقت أزواجهم بكم مؤمنات إذا تزوجن منكم ، من تزوجهن ما أنفقوا وهو المهر ، والمعنى : عليكم أن تغرموا لهم الصدقات كما يغرمون لكم (وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ) [الممتحنة : ١١] أي : أصبتموهم في القتال بعقوبة حتى غنمتم (فَآتُوا