وخرب بعد مائتين وخمسين عاما ، وهكذا ابتلى سكان بلدة الله مرة أخرى بالظمأ.
قد أصلح وعمر قنوات هذه المياه ومجاريها كل من الملك المظفر بن كوكبورى بن على فى عام (٥١٤) وصاحب أردبيل مظفر الدين فى سنة (٦٠٥) والمستنصر بالله العباسى عام (٦١٥) وفى سنة (٧٢٦) ملك العراق أبو سعيد خدابنده الأمير جوبان (١) وفى سنة (٨١١) الشريف حسن بن عجلان أمير مكة المعظمة وفى سنة (٨٢١) أبو النصر الشيخ محمود من ملوك الشراكسة وفى سنة (٧٧٥) السلطان قايتباى المصرى ، وفى سنة (٩١٧) عمقها الغورى وطهرها كما أصلح مواضعها الخربة ونظفها وأنقذ أهالى مكة المعظمة الكرام من شح الماء إلى حد ما.
وبعد فترة تقلبت أحوال الزمان وتخربت مجارى المياه بأكملها وتوارى ماء حنين وعرفات الذى يشبه ماء الحياة فى ظلمات التراب ؛ وكابد أهل مكة شح المياه إلى حد أنهم اضطروا فى أيام عرفات إلى جلب الماء من الوديان القاصية.
وهذا واقع صحيح.
__________________
(١) بعد أن أصلح الأمير جوبان عين زبيدة ، أصلح وسوى طرق ماء عين بازان كذلك وأدخل الماء إلى داخل مكة المكرمة فى عام (٧٢٦) ونعم أهل مكة بالرى حينما علم المؤرخ ابن الوردى إجراء عين بازان إلى مكة قال هذه الأبيات.
هل لى إلى مكة من عودة |
|
فابلغ السؤال وأقضى الديون |
غير عجيب جرى عين بها |
|
فقد جرت شوقا إليها العيون |
الأمير جوبان من أمراء الجنكيزية وأمير أمراء حاكم بغداد السلطان أبو سعيد بهادر بن السلطان محمد خان ، وكان قد أحال إدارة البلاد التى تحت حكمه إلى أولاده ولكنه تنكر للأمير جوبان بتحريض من وزيره نصر الدين ، وغضب عليه واطلع الأمير جوبان على غضب أبى سعيد من ابنه أو على خواجة دمشق الأثير لديه ، ولكنه استطاع أن يعزل ذلك الوزير الغاش من منصبه مدعيا عدم لياقته لوظيفته ، وقتل ابنه بعد مدة لتسوية الخلافات بين أرباب السياسة ، فذهب إلى معسكر الملك ومعه جنود كافية وطلب من أبى سعيد بواسطة الشيخ علاء الدولة القصاص من قاتلى خواجة دمشق ؛ إلا أن طلبه لم يقبل ودخل الحرب إلا أن جنوده تركوه منفردا ، فترك الحرب وهرب ناحية خراسان والتجأ إلى غياث الدين والى هرات ؛ لما له عليه من حقوق سابقة إلا أن علاء الدين قتله بناء على أمر أبى سعيد الصريح وأرسل نعشه إلى المدينة المنورة بناء على طلبه وذلك فى سنة (٧٣٠).