ونحن استطعنا أن نحصل على صورة لحجة الوقفية التى أرسلت فى ذلك الوقت إلى والى مصر والتى تبين موارد تلك القرى فى ذلك العصر وقيمتها وكيفية إنفاقها وإدارتها بعد أن قيدت في سجلات مصلحة الأوقاف وقد رأينا إدراجها هنا تبركا بها.
صورة وقف الكسوة الشريفة
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذى رفع القبة الخضراء ووضع بساط الخير وسمك فى سمائه الأفلاك ، ملك فى أرضه الأملاك ، ففتح مناهج الملك والدولة الغراء بيمن وقاية السلاطين وحسن رعاية الأمراء ، وجعل الكعبة البيت الحرام لشعائر الدين الزهراء (فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ) (البقرة : ١٥٨) واستعد بحجة يوم الجمرات ثم الصلاة والسلام على سيد الأنبياء محمد أعلم الرسل الأعلام والأبناء وعلى آله الكرام الأتقياء وأصحابه العظام الأصفياء.
نمقه العبد المحتاج إلى عفو ربه محمد بن قطب الدين محمد القاضى بالعساكر المظفرة المنصورة فى ولاية الأناضول.
أما بعد فهذه وثيقة أنيقة بديعة المعانى والبيان ، بليغة المبانى والتبيان ، توارى عبارتها راحا رحيقا ، بل هى أصفى ، وتجارى استعاراتها مسكا سحيقا بل هى أزكى ، يشعر عما هو الحق القاطع ، ما حواه فحواها ، ويجير عما هو الصدق الساطع ، ما أداه مؤداها ، وهو أنه قد بان لكل ذى عقل سديد أن الدّنيا الدنية قنطرة العابرين ورباط المسافرين ، يحل هذا ويرحل ذاك ، ولا يدرى أحد إلا ويمتطى صهوتى أدهم الليل وأشهب النهار ، ويسير مع السائرين إلى منتهى الآجال والأعمار ، وهى موعظة ما قال سيد الكائنات عليه أفضل الصلوات «اسمعوا وعوا من عاش مات ومن مات فات وكل ما هو آت آت ، فلا ريب أن العاقل من اعتبر من الرواحل واتخذ فيها لرحيله ذخيرة وزاد ، وادخر لمقامه الباقى عدة وعتاد بالصدقات التى ينال بها النجاة ، ويتوسل بها إلى الجنات على ما نطق به القرآن وحديث رسول الرحمن ، حيث قال عز من قائل : (إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ) (يوسف ٨٨) وقال عليه الصلوات التامات : «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له أو صدقة جارية» (حديث