من الصلاة ولا يفوت إعطاؤه ، فلعلّه كان يفوت إعطاؤه ، وفي الحديث : أنّه لمّا طال سؤاله ولم يعطه أحد شيئاً (١) ، وظاهر هذا أنّه كان يريد الخروج من المسجد فكان يفوت إعطاؤه مع التأخير إلى ما بعد الفراغ من الصلاة .
وأمّا قوله : و إنّ في الصلاة لشغلاً ، فهو من قلّة المعرفة بأولياء اللَّه الكاملين ، فإنّهم في ذلك كما قال الشاعر :
يسقي ويشرب لا تلهيه سكرته |
|
عن النديم ولا يلهو عن الكأس (٢) |
ثمّ قال ابن تيميّة : الوجه الثامن : أنّه لو قدّر أنّ هذا مشروع في الصلاة لم يختصّ بالركوع ، بل يكون في القيام والقعود أولى منه في الركوع ، فكيف يقال : لا وليَّ إلّا الذين يتصدّقون في حال الركوع ، فلو تصدّق المتصدّق في حال القيام والقعود أما كان يستحقّ هذه الموالاة ؟ !
فإن قيل : هذه أراد بها التعريف بعليّ على خصوصه .
قيل له : أوصاف عليّ التي يعرف بها كثيرة ظاهرة ، فكيف يترك تعريفه بالاُمور المعروفة و يعرّفه بأمر لا يعرفه إلّا مَن سمع هذا وصدقه ؟ وجمهور الاُمّة لا تسمع هذا الخبر ولا هو في شيء من كتب المسلمين المعتمدة ، لا الصحاح ولا السنن ولا الجوامع ولا المعجمات ولا شيء من الاُمّهات ، فأحد الأمرين لازم : إن قصد به المدح بالوصف فهو باطل ، و إن قصد به التعريف فهو باطل (٣) ، انتهى .
هذا لعمر اللَّه اُمّ الكبائر فإنّه ردّ على الآية في الحقيقة .
__________________
(١) تقدّم حديث أبي ذرّ في ص : ١٤٢ و ١٥٤ ـ ١٥٥ ، وراجع تفسير الثعلبي ١١ : ٣٩١ ـ ٣٩٤ ، شواهد التنزيل للحسكاني ١ : ١٧٨ ـ ١٧٩ .
(٢) البيت ليحيى بن نصر بن عبد الرزّاق ، كما في مرآة الزمان ٢١ : ١١٢ .
(٣) منهاج السنّة ٧ : ١٦ ـ ١٧ .