للشفاعة من اين يعلم أنّه ممّن ارتضى حتّى يطلب الشفاعة منهم ؟
واحتجاجهم هذا مردود بالأحاديث الصحيحة الصريحة في حصول الإذن له صلىاللهعليهوآله في أنّه يشفع لمن قال بعد الأذان والأقامة : اللّهم ربّ هذه الدعوة التامّة إلى آخر الدعاء المشهور (١) ، ولمن صلّى على النبيّ صلىاللهعليهوآله يوم الجمعة (٢) ولمن زار قبره صلىاللهعليهوآله (٣) ، إلى آخر كلامه في صفحة ٢٥٧ (٤) .
ثمّ قال : وأمّا شبهتهم في المنع من النداء فقالوا : إنّ النداء والخطاب للجمادات والغائبين والأموات من الشرك الأكبر الذي يباح به الدمّ والمال .
ولا مستند لهم في ذلك ، بل الأحاديث الصحيحة صريحة في بطلان قولهم هذا ، وزعموا : أنّ النداء للأموات والغائبين يسمّى دعاءً ، وأنّ الدعاء عبادة بل الدعاء مخّ العبادة (٥) .
قال : وهذا كلّه منهم تلبيس في الدين وتضليل لأكثر الموحّدين ، فإنّه و إن كان النداء قد يسمّى دعاءً كما في قوله تعالى : ( لَّا تَجْعَلُواْ دُعَآءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَآءِ بَعْضِكُم بَعْضًا ) (٦) لكن ليس كلّ نداء عبادة ، ولو كان
__________________
(١) صحيح البخاري باب ٤٠١ ( الدعاء عند النداء ) ١ : ٣٠٩ / ٥٨٠ دار القلم ، مسند أحمد ٣ : ٣٣٧ ، ٣٥٤ ، صحيح البخاري ١ ، ٣٠٩ الباب ٤٠١ .
(٢) سنن النسائي ٣٦ : ٩٠ ـ ٩١ ، جامع الأحاديث للسيوطي ٣٢: ١٠٨ / ٣٤٨٤١ ، كنز العمّال ٢ : ٢٧٠ / ٣٩٩٠ .
(٣) سنن الدارقطني ٢ : ٢٧٨ / ١٩٤ ، إتحاف الزائر لابن عساكر : ٢٠ و ٢١ و ٢٣ و ٢٨ ، شفاء السقام : ٢ ـ ٤ ، وفاء الوفاء ٣ : ١٣٣٦ ـ ١٣٣٩ ، وباقي المصادر مذكور في إتحاف الزائر .
(٤) خلاصة الكلام ـ بتحقيق : محمّد فارس الشيخ ، ورأفت عبد العزيز ـ : ٣٤٠ .
(٥) خلاصة الكلام في اُمراء البلد الحرام : ٣٤١ ، الدرر السنيّة في الردّ على الوهابيّة ( الوهابيّة المتطرّفة ١ ) : ٣٠٠ ـ ٣٠١ ..
(٦) سورة النور ٢٤ : ٦٣ .