و إنّما ذكرت هذه الروايات حتّى تعرف كذب ابن تيميّة في دعوى : إنّه لم يجتمع به أحد منهم .
فهذه رواياتهم في الاجتماع به منهم ، وفي المجاميع الاُخر منها الكثير كما سمعت أسماء بعضها ، فلا كذب أقبح من هذا في الفضيحة على صاحبه ينسب إليهم ما المتواتر خلافه عنهم ومصنّفاتهم مملوءة بخلافه ، واللَّه يمقت الكاذب .
ثمّ قال ابن تيميّة : وقيل ثالثاً : قد كان يمكنه أن يأوي إلى كثير من المواضع التي فيها شيعته كجبال الشام التي كان فيها الرافضة عاصية وغير ذلك من المواضع العاصية (١) .
أقول : إذا كان هو المهدي الموعود فلا يظهر إلّا بأمر من اللَّه عزّ وجلّ ولا يسكن إلّا فيما يأمره اللَّه عزّ وجلّ ، وهذا الكلام من ابن تيميّة يلحق بالهذيان وكأنّه من ضيق الخناق وإلّا فالمأمور بالغيبة ولزوم خوافي الأرض وتتبّع أقاصيها كيف يلوذ ببعض العصاة فاللَّه يحجبه قال اللَّه تعالى : ( وَ إِذَا قَرَأْتَ الْقُرْءَانَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْأَخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا ) (٢) وقال تعالى : ( وَ جَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ ) (٣) فلا حاجة للمهدي في التحصّن عن الأعداء بما ذكره ابن تيميّة ، والمهدي حجّة اللَّه ووليّه وابن رسوله فيستره بالحجاب عن أعين الأعداء كما ستر جدّه رسول اللَّه بالحجاب عن عين العوراء بنت حرب ، وقد عقد جلال الدين السيوطي في الخصائص الكبرى
__________________
(١) منهاج السنّة ٤ : ٩٠ .
(٢) سورة الإسراء ١٧ : ٤٥ .
(٣) سورة يس ٣٦ : ٩ .