فصل
الأمر بالأمر بشيء ، أمر به لو كان الغرض حصوله ، ولم يكن له غرض في توسيط أمر الغير به إلّا تبليغ أمره به [١] ، كما هو المتعارف في أمر الرسل بالأمر أو النهي. وأما لو كان الغرض من ذلك يحصل بأمره بذاك الشيء ، من دون تعلق غرضه به ، أو مع تعلق غرضه به لا مطلقا ، بل بعد تعلق أمره به ، فلا يكون أمرا بذاك الشيء ، كما لا يخفى.
وقد انقدح بذلك أنه لا دلالة بمجرد الأمر بالأمر ، على كونه أمرا به ، ولا بد في الدلالة عليه من قرينة عليه.
______________________________________________________
الأمر بالأمر
[١] وحاصله إذا أمر المولى غيره أن يأمر الآخر بفعل فهل يعتبر نفس أمر المولى غيره بأمر الآخر ، أمرا من المولى الغير بذلك الفعل ، كأمره من دون توسيط حتى يلزم على الآخر الإتيان بذلك الفعل أم لا؟ ذهب قدسسره إلى أنّه يختلف الحال بحسب غرض المولى فيكون أمر المولى بأمر غيره ، أمرا على الآخر بذلك الفعل إذا كان غرضه من أمره بالأمر مجرّد توسّطه في التبليغ كما هو المتعارف في أمر الرسل بالأمر أو النهي.
وبتعبير آخر في مثل هذا المقام لا فرق بين أن يقول الله سبحانه وتعالى لنبيّه الأكرم إنّ الله أمر المؤمنين بغضّ أبصارهم وبين قوله سبحانه وتعالى (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ.)(١)
__________________
(١) سورة النور : الآية ٣٠.