فصل
إذا نسخ الوجوب فلا دلالة لدليل الناسخ ولا المنسوخ ، على بقاء الجواز بالمعنى الأعم ، ولا بالمعنى الأخص [١] ، كما لا دلالة لهما على ثبوت غيره من الأحكام ، ضرورة أن ثبوت كل واحد من الأحكام الأربعة الباقية بعد ارتفاع الوجوب واقعا ممكن ، ولا دلالة لواحد من دليلي الناسخ والمنسوخ ـ بإحدى الدلالات ـ على تعيين واحد منها ، كما هو أوضح من أن يخفى ، فلا بد للتعيين من دليل آخر ، ولا مجال لاستصحاب الجواز ، إلّا بناء على جريانه في القسم الثالث من أقسام استصحاب الكلّي ، وهو ما إذا شك في حدوث فرد كلي مقارنا لارتفاع فرده الآخر ، وقد حققنا في محله ، أنه لا يجري الاستصحاب فيه ، ما لم يكن الحادث المشكوك من المراتب القوية أو الضعيفة المتصلة بالمرتفع ، بحيث عد عرفا ـ لو كان ـ أنه باق ، لا أنه أمر حادث غيره.
______________________________________________________
اقتضاء نسخ الوجوب للجواز وعدمه
[١] المراد من الجواز بالمعنى الأعم عدم حرمة الفعل ، فيحتمل كونه على وجه الاستحباب ، أو على وجه الكراهة ، أو على وجه الإباحة الخاصة ، ويعبّر عن الجواز بالمعنى الأعمّ ، بالإباحة بالمعنى الأعمّ أيضا في مقابل الإباحة بالمعنى الأخصّ ، والجواز بالمعنى الأخصّ عبارة عن الإباحة بالمعنى الأخصّ التي تعدّ من الأحكام الخمسة التكليفية.
وقد ذكر الماتن قدسسره تبعا لغيره أنّه إذا نسخ وجوب فعل فلا دلالة لدليل الناسخ ولا لخطاب الحكم المنسوخ على كون الفعل بعد ذلك جائزا بالمعنى الأعم ، كما لا يدلّ شيء منهما على كونه جائزا أي مباحا بالمعنى الأخصّ ، بل يدور أمر ذلك