فصل
اختلفوا في جواز اجتماع الأمر والنهي في واحد [١] ، وامتناعه ، على أقوال : ثالثها : جوازه عقلا وامتناعه عرفا ، وقبل الخوض في المقصود يقدم أمور :
______________________________________________________
اجتماع الأمر والنهي
[١] ذهب المحقق النائيني قدسسره إلى أنّ الأولى أن يعنون الخلاف بوجه آخر وهو : أنّ تعلّق الأمر بعنوان وتعلّق النهي بعنوان آخر بحيث يكون لهما مورد الاجتماع ، هل يوجب سراية أحدهما إلى متعلّق الآخر خارجا ليتعيّن رفع اليد عن أحدهما في مورد الاجتماع ، أو أنّ اتّحاد العنوانين وانضمامها كما ذكر لا يوجب سراية أحدهما إلى متعلّق الآخر وأنّه لا موجب لرفع اليد عن أحدهما في مورد اجتماعهما. وجه الأولويّة هو أنّ ظاهر هذا النحو من العنوان كون تضادّ الوجوب والحرمة مسلّما عند الكلّ سواء بين القائل بجواز الاجتماع والقائل بعدم الجواز ، إلّا أنّ القائل بالجواز يرى أنّ متعلّق الأمر غير متعلّق النهي ، والقائل بعدم الجواز يرى سراية أحدهما إلى متعلّق الآخر ، فلا تعدّد في الحقيقة في ناحية متعلّقهما بخلاف عنوان الخلاف بأنّه يجوز اجتماع الأمر والنهي في واحد فإنّه يوهم أنّ القائل بالجواز لا يعترف بتضادّ الوجوب والحرمة فلا بأس عنده باجتماعهما في واحد خارجا (١).
أقول : لا فرق في عنوان الخلاف بين ما ذكره قدسسره والمذكور في كلام القوم في أنّ ظاهرهما اعتراف القائل بالجواز كالقائل بالامتناع بتضادّ الوجوب والحرمة فانّ تقييد مورد الخلاف في كلامهم بكون الواحد ذا جهتين فيه دلالة على تسالم الطرفين بتضاد
__________________
(١) أجود التقريرات ١ / ١٣٣.