ومنها : تقسيمه إلى النفسي والغيري [١] ، وحيث كان طلب شيء وإيجابه لا يكاد يكون بلا داع ، فإن كان الداعي فيه هو التوصل به إلى واجب ، لا يكاد التوصّل بدونه إليه ، لتوقفه عليه ، فالواجب غيريّ ، وإلّا فهو نفسيّ ، سواء كان الداعي محبوبية الواجب بنفسه ، كالمعرفة بالله ، أو محبوبيّته بما له من فائدة مترتبة عليه ، كأكثر الواجبات من العبادات والتوصليات.
______________________________________________________
بالإطلاق في العموم البدلي كالشمولي.
الواجب النفسي والغيري :
[١] قد ذكر قدسسره ما حاصله أنّه حيث لا يكون طلب شيء وإيجابه بلا داع ، لأنّهما من الأفعال الاختياريّة وعليه فإن كان الداعي للمولى في إيجاب شيء التوصّل به الى واجب آخر ، بحيث لا يحصل بدونه ، يكون وجوبه غيريّا ، وإن لم يكن إيجابه للتوصّل إلى واجب آخر كذلك ، يكون وجوبه نفسيّا ، سواء كان الداعي إلى إيجابه محبوبيّته في نفسه كالمعرفة بالله ، أو محبوبيّته بلحاظ ترتّب أثر عليه ووجود ملاك ومصلحة فيه ، كأكثر الواجبات من العبادات والتوصليّات.
ثم أورد على ما ذكره بأنّه يلزم أن يكون الواجب في موارد محبوبيّة الفعل بلحاظ وجود الملاك وترتّب الأثر غيريّا ، فإنّ الواجب في الحقيقة ذلك الملاك ، والمصلحة المترتّبة على الفعل ، فذلك الملاك واجب نفسي ، والفعل واجب غيري ، ويكشف عن كون الملاك واجبا نفسيا أنّه لو لم يكن ترتّبه على الفعل لما كان له داع إلى إيجابه.
وربّما يجاب عن الإشكال بأنّ الملاك المترتّب على الفعل في نفسه غير مقدور ، فلا يتعلّق به الإيجاب ، وإنّما يتعلّق بما هو مقدور للمكلّف وتحت سلطانه وهو الفعل.