هذا ، لكنه لا يخفى أن الداعي لو كان هو محبوبيته كذلك ـ أي بما له من الفائدة المترتبة عليه ـ كان الواجب في الحقيقة واجبا غيريا ، فإنه لو لم يكن وجود هذه الفائدة لازما ، لما دعي إلى إيجاب ذي الفائدة.
فإن قلت : نعم وإن كان وجودها محبوبا لزوما ، إلا أنه حيث كانت من الخواصّ
______________________________________________________
ولكن لا يخفى ما فيه ، فإنّه يكفي في التمكّن المعتبر في التكليف وخروجه عن اللغويّة ، التمكّن على الواجب ولو بالتمكّن على سببه ؛ ولذا يتعلّق التكليف بالمسبّب ، نظير الأمر بالطهارة الحاصلة من الوضوء أو الغسل ، وبالتمليك والتزويج والطلاق والعتاق وغيرها من المسبّبات الحاصلة بالعقد أو الإيقاع.
وأجاب قدسسره عن أصل الإشكال بأنّ الفعل بلحاظ ترتّب الأثر عليه ووجود المصلحة فيه يتّصف بالعنوان الحسن ، فيستحقّ فاعله المدح ويذمّ تاركه ، وإذا تعلّق الأمر به بهذا الاعتبار يكون وجوبه نفسيا ، بخلاف الواجب الغيري ، فإنّه لا يترتّب عليه الملاك ولا الأثر المحسّن له ، بل يوجب أن يحصل ذلك العنوان الحسن لفعل آخر ، فيكون إيجاب ذلك الآخر نفسيا ، وإيجاب هذا الفعل غيريّا.
نعم قد يكون فيما يتعلّق به الأمر الغيري جهتان ، فيتّصف بالحسن بإحدى الجهتين ، فيكون إيجابه نفسيّا ، كصلاة الظهر ، فإنّها واجب نفسي ، ومع ذلك توجب حصول الملاك لصلاة العصر ، فيكون وجوبها غيريا بالإضافة إلى التوصّل إلى صلاة العصر.
أقول : الأمر في الواجبات التوصليّة بلحاظ الأثر المترتّب عليها لا بلحاظ حسنها ، كالأمر بدفن المتوفى ، وأداء الدّين وغيرهما ، ولذا يسقط الأمر بها ولو أتى بها بغير قصد القربة أو بنحو محرّم ، ولو في بعض الموارد.
وذهب المحقّق النائيني قدسسره في المقام إلى أنّه لو كان الأثر مترتّبا على الفعل