الأمر الثالث : إنه قيل بدلالة الأمر بالشيء بالتضمن على النهي عن الضد العام [١] ، بمعنى الترك ، حيث إنه يدلّ على الوجوب المركب من طلب الفعل والمنع عن الترك. والتحقيق إنه لا يكون الوجوب إلّا طلبا بسيطا ، ومرتبة وحيدة أكيدة من الطلب ، لا مركبا من طلبين ، نعم في مقام تحديد تلك المرتبة وتعيينها ، ربما يقال : الوجوب يكون عبارة من طلب الفعل مع المنع عن الترك ، ويتخيل منه أنه يذكر له حدا ، فالمنع عن الترك ليس من أجزاء الوجوب ومقوماته ، بل من خواصه ولوازمه ، بمعنى أنه لو التفت الآمر إلى الترك لما كان راضيا به لا محالة ، وكان يبغضه البتة.
______________________________________________________
الضد العام
[١] قيل إنّ الوجوب عبارة عن طلب الفعل مع المنع من تركه ، فما يدلّ على وجوب الفعل بالمطابقة يدلّ على النهي عن تركه بالتضمّن.
وأورد عليه كما عن الماتن قدسسره بأنّ المنع من الترك غير داخل في معنى وجوب الفعل بل الوجوب كالاستحباب ليس إلّا طلب الفعل ، غاية الأمر يكون الطلب في موارد الاستحباب بمرتبة بحيث لا يلزم المنع من ترك الفعل ، بخلاف الوجوب فانّه مرتبة من الطلب يلزمه المنع من تركه ، والمراد من المنع من الترك في المقام ، كون طلب الفعل بحيث لو التفت الآمر إلى تركه لا يرضى به بل يبغضه لا محالة فيكون اللزوم بيّنا بالمعنى الأعم وحيث إنّ لازم الشيء خارج عنه فلا يصحّ القول بأن الأمر بالشيء ووجوبه عين النهي عن ضدّه العام بل يكون وجوبه مقتضيا للمنع من الترك بنحو اللزوم.
نعم يمكن أن يطلق على الأمر بالشيء أنّه نهي عن ضده العام من باب المجاز