إذا عرفت هذه الأمور ، فالحق هو القول بالامتناع ، كما ذهب إليه المشهور ، وتحقيقه على وجه يتضح به فساد ما قيل ، أو يمكن أن يقال ، من وجوه الاستدلال لسائر الأقوال ، يتوقف على تمهيد مقدمات :
إحداها : إنه لا ريب في أنّ الأحكام الخمسة متضادة في مقام فعليتها [١] ،
______________________________________________________
تضاد الأحكام
[١] ذكر قدسسره لإثبات امتناع الاجتماع في واحد معنون بعنوانين ، مقدمات أربع :
المقدمة الأولى : أنّ الأحكام لا يكون بينها تضاد في مقام الإنشاء فيمكن إنشاء حكم متعلق بفعل وانشاء حكم آخر بنفس ذلك الفعل وانّما يتحقق التضاد بين الأحكام في مرتبة فعليّتها فلا يمكن أن يتعلّق بفعل واحد حكمان فعليّان لا لأجل أنّ تعلّقهما به من التكليف بالمحال القبيح على الحكيم بل لأنّ تعلّقهما به من التكليف المحال ، ألا ترى أنّ المنع عن فعل والترخيص فيه ممتنع مع تمكّن المكلف من الجمع بين مقتضاهما باختيار تركه حيث يكون آخذا بمقتضى الحرمة والإباحة معا ووجه الامتناع انّ التحريم الفعلي يكون بارادة الزجر عنه ومع الترخيص الفعلي لا تتحقق ارادة الزجر ولذا يمتنع ذلك حتى عند الأشعري القائل بجواز التكليف بما لا يطاق.
أقول : قد تقدّم منه قدسسره أنّ الحكم الواقعي في جعله تابع للصلاح والفساد في متعلّقه ، فلو كان في متعلّقه فساد غالب كيف يمكن جعل الحرمة والوجوب له معا ولو بعنوانين ، والالتزام بعدم التنافي بينهما إلّا في مقام الفعلية والوصول إلى مرتبة البعث والزجر ، وقد ذكرنا أنّه لا معنى لفعليّة الحكم إلّا تحقق موضوعه خارجا ويكون الحكم فعليا بتبع فعلية موضوعه وإذا لم يكن بين الحكمين بحسب جعلهما تناف فكيف يتحقق التنافي في فعليتهما. والحاصل التنافي بين الجعلين يكون