إذا عرفت ما مهدناه ، عرفت أن المجمع حيث كان واحدا وجودا وذاتا [١] ، كان تعلق الأمر والنهي به محالا ، ولو كان تعلقهما به بعنوانين ، لما عرفت من كون فعل المكلف بحقيقته وواقعيته الصادرة عنه ، متعلقا للأحكام لا بعناوينه الطارئة عليه ، وأن غائلة اجتماع الضدين فيه لا تكاد ترتفع بكون الأحكام تتعلق بالطبائع
______________________________________________________
أدلة القول بالجواز
[١] كأنّ نظره قدسسره إلى أنّ الأمور الأربعة ملاحظتها كافية في الإذعان بامتناع اجتماع الأمر والنهي ولو كان أحدهما متعلقا بعنوان والآخر بعنوان آخر ، وذلك لما تقدم في المقدمة الثانية من أنّ متعلقات الأحكام إنّما هي فعل المكلف خارجا لا عنوان فعله ، حيث إنّ رغبة المولى والملاك الملحوظ للمولى ليس في عنوان الفعل بل فيما ينطبق عليه العنوان المعبّر عنه بالمعنون ، وتعدّد العنوان لا يوجب كون الصادر عن المكلّف متعدّدا بحسب الخارج بأن يكون المجمع بحسبه فعلين ، بل الصادر بحسب الخارج واحد معنون بكل من العنوانين ، وغائلة محذور اجتماع الضدين وتنافي التكليفين ترتفع بتعدّد الصدور والفعل خارجا لا بتعنون الصادر بعنوانين لأنّ المتعلق لكل من الوجوب والتحريم ليس هو العنوان بل المعنون لو لاحظه المولى عند الأمر والنهي بالعنوان.
ولزوم محذور تعلّق الحكمين المتضادين في مقتضاهما وملاكهما لا يندفع بالقول بأنّ متعلقات الأحكام الطبائع لا الافراد ، وذلك لأنّ غاية تقريب القول بالجواز هو أنّ الطبائع ـ بما هي مقيّدة بالوجود ـ متعلقات لها ، حيث إنّ الطبائع بما هي ليست إلّا هي ولا تكون محصّلة للاغراض ليتعلّق بها الطلب ، فاللازم أخذ الوجود في متعلقاتها بحيث يكون التقيد داخلا ونفس القيد ـ أي الوجود ـ خارجا حتى يقتضي تعلّق الطلب بالطبيعي المقيد بالوجود إيجاده. نظير تقييده بسائر القيود وإلّا فالوجود