المقصد الثاني : في النواهي
فصل
الظاهر أن النهي بمادته وصيغته في الدلالة على الطلب ، مثل الأمر [١] بمادته وصيغته ، غير أن متعلق الطلب في أحدهما الوجود ، وفي الآخر العدم ، فيعتبر فيه ما استظهرنا اعتباره فيه بلا تفاوت أصلا ، نعم يختص النهي بخلاف ، وهو : إن متعلق الطلب فيه ، هل هو الكف ، أو مجرد الترك وأن لا يفعل؟ والظاهر هو الثاني ، وتوهم أن الترك ومجرد أن لا يفعل خارج عن تحت الاختيار ، فلا يصح أن يتعلق به البعث والطلب ، فاسد ، فإن الترك أيضا يكون مقدورا ، وإلّا لما كان الفعل مقدورا وصادرا بالإرادة والاختيار ، وكون العدم الأزلي لا بالاختيار ، لا يوجب أن يكون كذلك بحسب البقاء والاستمرار الذي يكون بحسبه محلا للتكليف. ثم إنه لا دلالة
______________________________________________________
مادة النهي وصيغته
[١] مراده قدسسره كما يكون الطلب في الأمر مستفادا من مادّة (أ ـ م ـ ر) تارة ولذا يستفاد منه الطلب مع طروّ الهيئات المختلفة على تلك المادّة ، وأخرى يستفاد من الهيئة نحو «اضرب» ولذا لا يستفاد الطلب بطروّ هيئة أخرى على مادة (ض ـ ر ـ ب) ، كذلك يستفاد الطلب في النهي من مادة (ن ـ ه ـ ي) ولا تنتفي الدلالة عليه بطروّ الهيئات المختلفة عليها وقد يستفاد من صيغة النهي نحو «لا تضرب» وتنتفي الدلالة عليه بطروّ هيئة أخرى على مادة (ض ـ ر ـ ب).
ولكن يختلف الأمر مع النهي في متعلّق الطلب فإنّ متعلّقه في الأمر الوجود