الأمر الرابع : لا شبهة في أن وجوب المقدمة بناء على الملازمة ، يتبع في
______________________________________________________
لتوقّف ذيها عليه ، فالملاك في هذا الوجوب توقّف الواجب عليه. والحاصل أنّ عنوان المقدّمة للصلاة مثلا ، عنوان انتزاعي ليس في الخارج إلّا الوضوء ونحوه ، مما يتوقّف عليه الصلاة كسائر العناوين الانتزاعية التي ليس لها في الخارج إلّا منشأ الانتزاع والوجوب الغيري لا يمكن أن يتعلّق بنفس الصلاة ، لأنّ وجوبها نفسي ، كما لا يمكن أن يتعلّق بتوقّف الصلاة على الوضوء ، لأنّه خارج عن فعل المكلّف واختياره ، فيتعيّن تعلّقه بنفس الوضوء.
ثمّ ذكر هذا القائل في وجه لزوم قصد التوصّل أنّه بعد ما ثبت حكم العقل بوجوب عنوان المقدّمة لرجوع الجهة التعليلية إلى التقييدية ، فلا بدّ من كون عنوان المقدّمة مقصودا في وقوعها على صفة الوجوب ، لاستحالة تعلّق الأمر بشيء غير مقدور ، وعنوان المقدّمة في الحقيقة قصد التوصّل إلى الواجب النفسي.
أقول : بما أنّ عنوان المقدّمة من العناوين القهرية دون القصدية ، فاللازم في وجوبها الالتفات إليه وإلى معنونه ، ومن المعلوم أنّ الالتفات إلى كون شيء ممّا يتوقّف الواجب عليه لا يكون ملازما للإتيان به بقصد التوصّل به إلى ذلك الواجب ، والموجب لخروج الفعل عن وقوعه خطأ وغفلة هو الالتفات إلى العنوان المنطبق عليه لا أكثر ، فمثلا الوضوء مع الالتفات بأنّه مقدّمة للصلاة لا يلازم الإتيان به للتوصّل به إلى الصلاة ، بل يمكن أن يكون الداعي إلى الإتيان به غير الإتيان بالصلاة ، وإن كان الداعي قربيّا ثمّ انقدح بعد ذلك إرادة الصلاة ، كفى ذلك الوضوء للدخول في الصلاة المشروطة به كما تقدّم ، ولو وقع صحيحا حتّى مع فرض تعلّق الأمر بعنوان المقدّمة لا بذاتها ، كما لا يخفى.