وخرجنا من مشهد الرضا عليه الصلاة والسلام ثاني ليلة جمادى الأولى وأصابنا في الرجوع نصب وعناء كثير من جهة مرض الوالدة رضي الله عنها وفوتها (١) ، ومرض الشيخ مولى أحمد الكوزه كناني ـ جد أولادي ـ ومرض ابنه ، ومرض بعض آخر ممّن كان معنا.
ووردنا النجف الأشرف في الخامس والعشرين من شهر رجب ، وقد استقبلنا من أهل العلم جمع إلى الكاظمين (ع) وآخرون إلى كربلاء المشرّفة ، وجم غفير إلى ثلاثة فراسخ .. وكافة أهل النجف الأشرف (٢) رجالاً ونساءً وعلماءً وكسبةً و .. غيرهم من خارج البلد إلى الفرسخ ، وقد حملوا تخت الشيخ قدّس سرّه على الأيدي من نصف فرسخ إلى باب الدار ، ولم يُرَ مثل ذلك الاستقبال في النجف الأشرف لأحد قبله ولا بعده إلى الآن (٣).
وأقمنا فاتحة الوالدة قدّس سرّها ثلاثة أيام في المسجد الجامع المشهور بـ : مسجد الهندي.
وقد اتفق علماء العراقين وعقلاؤهما على أنّ سفرنا ذلك أحيا دوارس الشرع المبين ، وأزال الانكسار الّذي كان معه إلى خمسين سنة ، ولكنهم لم يكونوا يعلمون أنّه تحدّث بعده قدّس سرّه فتنة عمياء وعدنا بها في آخر الزمان .. تفني الإسلام والدين ، وتقوّي الكفار والمنافقين ، وتضعف الإيمان والمؤمنين ، وتفني الأخيار والمتقين ، وتظهر البدع بين المسلمين .. حتّى
__________________
الرضا عليه السلام مع والده الحجّة في أواخر أيام والده ، واستقبله أهل طهران وخراسان ، وصار له ولوالده أكمل الإكرام والتبجيل ، واستقبله التجار والوجوه والمعارف وأرباب الدولة سيما موجهو] بمعنى وجهاء [الترك ، وقد سمعناه عن غير واحد ، وحدّثنا المترجم له بعد وفاة والده.
(١) الاولى : وفاتها.
(٢) الأولى : أهل النجف الاشرف كافة.
(٣) قال في الأعيان ٥/١٥١ : .. وعاد إلى النجف فاستقبل استقبالاً عظيماً.