بالحرارة المفرطة ، ومدّة أخرى بالرطوبة وسوء الهضم ، وزماناً بوجع البطن عند هضم الطعام. وكان عليه من هيبة الإيمان ما شاء الله تعالى ، وقد تغيّر من هيبته لون سلطان إيران مظفّرالدين شاه عند تشرّفه إلى زيارته قدّس سرّه ـ في شاهزاده عبدالعظيم لتقبيل يده ـ في سفر خراسان.
وكفاك أنّي ـ مع غاية اتصالي بخدمته ليلا ونهاراً ساكناً معه في دار ـ كنت عند كلّ أوّل دخول عليه مرعوباً خائفاً ، مع أنّي لم أعصه أبداً كي أحتمل عتابه إيّاي فأخاف لذلك الاحتمال ، وكان من لم يجتمع معه في مجلس يهابه ويزعم أنّه عبوس الوجه .. فإذا اجتمع معه وسمع حديثه عشق مجالسته.
وقد كان قدّس سرّه عالماً نحريراً ، وفاضلا خبيراً ، أصولياً وفقيهاً ولغوياً ، فهّاماً للأخبار والعبارات ، معتدل السليقة ، حسن الطريقة ، أديباً لبيباً ، عالى الهمّة ، زاهداً متقياً ، مخالفاً لهواه ، مطيعاً لأمر مولاه ، حافظاً لدينه ، صائناً لنفسه ، دقيقاً في الشرعيات ، خشناً في جنب الله تعالى ، ذاخشية غريبة ، موصلا للحقوق إلى أهلها أحسن إيصال ، صبوراً متوكّلا ، عفيفاً عزيز النفس (١) ، حييّاً مؤدّباً ، منكسر النفس ، ترابي المزاج ، منصفاً ، جامعاً بين حسن الأخلاق والغضب.
فأمّا علمه وتبحره في الأصول والفقه واللغة ، وسلطنته على فهم الأخبار والعبارات ، واعتدال سليقته .. فلا يخفى على من راجع مصنّفاته.
__________________
(١) وأضاف في ماضي النجف وحاضرها ٣/٢٥٣ إلى ما هنا قوله : .. وهو من حفّاظ النوادر والآثار ، ملمّاً بأحوال كثير من السادات عارفاً بأنسابهم ومواضع قبورهم ، خبيراً بأحوالهم ، لا يملّ حديثه ، يتطرق فيه شتى المواضيع الخلابة! .. ثمّ نقل كلام صاحب التكملة.