قوم فإذا رأوا شخصه طاروا في الدنيا فذهبوا.
قال أبو محمّد : فظننت أنّ هذا رجل كان في الزمان الأوّل ، فبينا أنا بعد ذلك بيسير قاعد في قطيعة الربيع مع أبي رحمهالله إذ جاء شيخ حلو الوجه حسن الشمائل عليه قميص نرسي ورداء نرسي وفي رجله نعل مخصّر ، فسلّم على أبي ، فقام إليه أبي فرحّب به وبجّله ، فلمّا أن مضى يريد ابن أبي عمير قلت : من هذا الشيخ؟ قال : هذا الحسن بن عليّ بن فضّال ، قلت : هذا ذلك العابد الفاضل؟! قال : هو ذاك ، قلت : ليس هو ذاك ، ذاك بالجبل ، قال : هو ذاك كان يكون بالجبل ، قال : ما أغفل عقلك من غلام ، فأخبرته بما سمعت من القوم فيه ، قال : هو ذلك. فكان بعد ذلك يختلف إلى أبي.
ثمّ خرجت إليه بعد ذلك إلى الكوفة ، فسمعت منه كتاب ابن بكير وغيره من الأحاديث ، وكان يحمل كتابه ويجيء إلى الحجرة فيقرأ (١) عليّ.
فلمّا حجّ ختن طاهر بن الحسين وعظّمه (٢) الناس لقدره وماله ومكانه من السلطان ، وقد كان وصف له فلم يصر إليه الحسن ؛ فأرسل إليه : أحبّ أن تصير إليّ فإنّه لا يمكنني المصير إليك ، فأبى ؛ وكلّمه أصحابنا في ذلك ، فقال : مالي ولطاهر ، لا أقربهم ، ليس بيني وبينهم عمل. فعلمت بعد هذا أنّ مجيئه إليّ كان لدينه. إلى أن قال : وكان الحسن عمره [ كلّه ] (٣) فطحيّا مشهورا بذلك حتّى حضره الموت ، فمات وقد قال بالحقّ ، رضياللهعنه.
أخبرنا محمّد بن محمّد ، قال : حدّثنا أبو الحسن بن داود ، قال : حدّثنا أبي ، عن محمّد بن جعفر المؤدّب ، عن محمّد بن أحمد بن يحيى ،
__________________
(١) في المصدر : فيقرأه.
(٢) في نسخة « م » : وعظم.
(٣) ما أثبتناه من المصدر.